آخر الأحداث والمستجدات 

كيف تصبح برلمانيا في خمسة أيام ؟؟

كيف تصبح برلمانيا في خمسة أيام ؟؟

يعيش المغرب في الفترة الحالية على إيقاع الانتخابات التشريعية ، والتي يختار من خلالها المواطنات و المواطنين مرشحيهم الذين سيمثلونهم في الغرفة الثانية (مجلس النواب) ، خلال الفترة التشريعية المقبلة ، الانتخابات الثانية في عهد الدستور الجديد والتي من خلالها يتم الاحتكام للصناديق لمحاسبة الحكومة السابقة بالاستمرارية (...) لولاية ثانية، أو جلدها بالتصويت ضدها ، هي إذن عوامل كثيرة تجعل من القراءات والتأويلات الانتخابية (...) عملية صعبة.

إذا كانت التجربة الحكومية السابقة ، قد صعدت على أكتاف الربيع العربي ، أو ما يفضل الكثيرون وصفه بالوعي المغربي ، الذي جنب الوطن مهزلة حقيقية خصوصا ، والنمط المجتمعي السائد بالمغرب ، سوسيولوجيا وعقائديا ، بالإضافة إلى التعددية الثقافية الحضارية. فإن احتمالات التنافسية خلال الموسم الانتخابي الحالي تفرض على ممثلي الأحزاب السياسية، والمنتخبين نمط جديد من أساليب الإقناع التي تتماشى وفق التصور الحضاري والثقافي للدائرة الانتخابية التي ينتمي إليها (...) ، بالإضافة إلى معرفة مسبقة بحجم الخصاص الذي تعيشه كل منطقة (...) .

إن الخرجات الإعلامية التي تقودها الأحزاب الوطنية ، التي اعتمدت فيها لغة الترهيب بدل الترغيب في الانتخابات، وهو أسلوب جديد يعتمد لغة تصعيدية ، كان آخرها تصريح إدريس لشكر ، في حالة ضفر حزب المصباح بولاية جديدة ، بأنه سيتحول المغرب إلى سوريا ، هو كذلك تصريح المصابيح الذين أكدوا في العديد من المناسبات ، في حالة عدم فوز حزبهم بالرتبة الأولى على العودة إلى الشارع (...).

إن احتمالات تأثير مثل هذه التصريحات على المسار الانتخابي، مستبعد للغاية خصوصا عندما ترتبط التصريحات بمؤشر الثقة بين المواطن المغربي والأحزاب السياسية، فإن المواطن المغربي على وعي بالوضعية الراهنة و على وعي أيضا بالمؤشرات الماكرو إقتصادية ، وأسباب تراجع القدرة الشرائية لذا المواطن المغربي (...) بالإضافة إلى الأسباب الكامنة وراء تضرر وتراجع مؤشر الرفاهية لذا الطبقة المتوسطة ، على كافة المستويات إقتصادية اجتماعية (...).

إن تحول المغرب إلى رجل مريض خلال هذه الفترة الزمنية الحساسة، انطلقت بالاقتطاعات من أجور الموظفين، ثم إلى الاكتضاض في الأقسام التعليمية، بالإضافة إلى سلسلة الفضائح الحكومية، تجعل من المشروع السياسي بالمغرب يتطلب دروس جديدة ، في فن المناظرة و الإقناع ، و التي تتطلب آليات مبسطة و حقيقية ، لتسويق المنتوج السياسي الرديء ، و برامج حزبية مهترئة ، بالإضافة إلى سير ذاتية تملؤها سطور من العمل الجمعوي ، والتي يقول فيه حكماؤها إذا كان التسيير او التمثيلية كالتي يوظفونها في جمعياتهم ، (فل يرقد الوطن في الجحيم بسلام).

رغم الظرفية و الأزمات ، فإن إمكانية الظفر بمقاعد برلمانية وارد ، خصوصا والدور الذي يلعبه حزب المقاطعين من حياد و مقاطعة الانتخابات، الحزب الذي يمثل فئة عريضة من المجتمع المغربي، مما يجعل اللعبة السياسية يختلط فيها الحابل بالنابل و يتيح الفرص الكبيرة أمام سماسرة الانتخابات الذين تنتعش تجارتهم الموسمية خلال هذه الفترة الذهبية ، ويفتح الحظوظ الكبيرة أمام نظام القبلية ليقرر في مصير البلاد و العباد (...) ، فكي تصبح برلمانيا يجب عليك أولا ألا تقدم وعودا كبيرة من الإمكانيات المعتادة خصوصا واننا ضمن النظام الجهوي ، أو ما يفضل الساسة ان يسموه الجهوية الموسعة (...)، فالبرامج الكبيرة والتي تصنف ضمن الأحلام، كتوفير ملحقات جامعية بإقليم يغلب عليه الطابع القروي، بالإضافة إلى تجهيز الطرق الوطنية بالوسائل الحديثة (...) مواصفات طرق سيارة في أقاليم ضعيفة الحركية و التنقل و تعد آخر أولويات وزارة التجهيز ما لم يكن تدخل ملكي (...).

إن غالبية الشباب خصوصا العاطل عن العمل ، و الذي يستغل هذه المناسبة الثمينة لتدبر مصروف استثنائي وإن تطلب الأمر الدخول إلى غرفة تبديل الملابس لتغيير ألوان الأحزاب السياسية ، لا يرى في هذه الانتخابات سوى فرصة لتدبر المال بعد أن فقد الثقة في الفاعل السياسي ، بعد ان عاش البطالة و الغبن في الوصول إلى أبسط شروط حقوقه (حق الشغل).

إن مواطن اليوم يعي اشد الوعي ، أن شهادة الزور أشد إثما من اليمين الكاذبة وكلاها في الهوى سواء ، وعليه يفضل الكثيرون القسم على أن يصوتوا لصالح مرشح معين بمقابل مادي ، يفضل الكثيرون أن ينادوها «بالزقالاف» ، أو بمأدبة عشاء دسمة دون التصويت .

إن المواطن خصوصا في الأقاليم ذات الطابع القروي ، لا ترى في البرلماني سوى ذاك الشخص الذي له علاقات موسعة ، و قائمة عناوين عريضة ، تمكن من التدخل لصالح المواطنين عند مصالح الأمن و الدرك و المحاكم ، أقاليم لا ترى في البرلماني كذلك سوى (فكاك الوحايل)، بإمكانه قضاء مصالح الناس خصوصا في المستشفيات العمومية التي تدفع البعض إلى تقبيل الأقدام لتقريب مواعيد الاستشفاء (...)، شباب لا يرى في البرلماني كذلك سوى الشخص الذي بإمكانه ان يفعل ورقة الفيتو لذا مصالح الموارد البشرية للإدارات العمومية لإدراج اسمه في لائحة الناجحين بمنصب بإحدى الإدارات العمومية (...) ، و مقاول لا يرى في البرلماني بحكم العلاقات ، سوى ورقة للظفر بإحدى الصفاقات وبالتالي بداية تجربة في عالم المقاولة (...).

إذا كان بإمكانك عزيزي البرلماني المستقبلي ، ان تلعب دور فكاك الوحايل ، فعليك قبل ذلك لعب دور مندوب مبيعات ، بالتواصل الجيد، مع إعطاء المواطن قيمته الاعتبارية ، مع إعطائه أيضا امتياز (الذكاء – المعرفة المسبقة بأنك تود استقطابه لأجل التصويت ) ، فالشباب يفضل بالخصوص الشخص بليغ اللسان العارف بشكل الحروف المتفادي للوقوع في زلة لسان تفسد عليه الاستقطاب السريع ، حاول النطق بوعود معقولة، لا تحاول الدخول في المسار الإصلاحي و الأوراش الكبرى ، فأنت تعي كل الوعي أن الورش الكبير و الوحيد الذي يحلم به الشباب ، هو الجسر المعلق الذي يربط المغرب بأوربا (...)، تذكرا دائما و أنت تلعب دور مندوب مبيعات ، أن «الزبون ملك» ، الصفة نفسها التي يجب ان تطبقها على الناخب لاستجداء صوته(...)، وبما أن الكلام الكثير لإقناعه بضرورة التصويت (...) ، يتطلب جهدا كبيرا، ويفرغ طاقة كبيرة لكل الأطراف ، تفرض عليك عزيزي البرلماني تقديم مأدبة عشاء أو غداء حسب ظروف اللقاء ، وحتى تشعر المواطن بأهميته لا تتفضل عليه، حاول أن تساعده في أخذ سيارة أجرة صغيرة تقله للبيت بورقة مائتي درهم قد ترفع من شأنه (...). أترك المواطن يعيش يوم واحد من البورجوازية التي ستعيش فيها أنت عند حصولك على صوته خمس سنوات (...) فلا تحزن على ما أنفقت (...).

وأخيرا اعلم عزيزي البرلماني أنك بمجرد تطبيق هذه النصائح الثمينة ، ستفوز لا محال بمقعدك البرلماني ، لذا لا تحاول الغياب عن الأنظار منذ اللحظة الأولى ، بل عد بين الفينة و الأخرى إلى حيث دائرتك الانتخابية ، لا تحاول في الوهلة الأولى قفل خطك الهاتفي (...) ، ولا التمظهر بمظهر ، «قطع الواد و نشفو رجليه»، بل حاول أن تظهر بالمظهر الذي قال عنه سيدي عبد الرحمان المجدوب في إحدى بيوته الشعرية ، «ولد الناس إذ يكبر يولي لناسو»، انتهى الدرس.         

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : عبد السلام أقصو
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2016-10-02 17:18:26

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك