آخر الأحداث والمستجدات
مكناس: كيف نشجع الفعل الثقافي والقاعات العمومية تفرض سومة كرائية لكل نشاط ثقافي ؟

للثقافة نُكهة عطرة في مقالات الكتابة. فإذا كان الجميع يُجمع على وجود أزمة ثقافية وفكرية عالمية، وبتنوع مضادات اكتساح الذكاء الاصطناعي لهواتفنا المحمولة، فإن الأمر هذا قد لا يستكين عن تطويع قياس سهل، مادامت الثقافة الرزينة تتسيد واجهة محاربة التفاهة والبلاهة.
فرغم أن الثقافة تعيش على نكسات التخلف السياسي بالمدينة، والذي يصنع أزمات المصداقية وفقدان الثقة العارمة والعامة، ولن يقدر السياسي (الانتهازي) على ضبط عقارب الحلول الجيدة.
قد لا نفكر في أجزاء وأقطاب الفعل الثقافي المنفصلة عن ذاتها وموضوعاتها بمكناس بالتشتيت، ولكنا قد نفكر في التورُّم الوبائي الذي أصاب الثقافة الكلية بالمدينة. من تم، إذا جاز لنا الحديث بالاستدلال المنطقي، فإن الثقافة باتت تنفلت من حاضر المدينة، والذي ما ينفك يمضي بتكريس واقع مرير ومحبط (التنمية المندمجة لكل الأقطاب)، في ظل غياب الثقافة النظيفة والرزينة التي تصنع الإنسان وتحمي القيم، وفي ظل الوضعيات الغائبة في تواجد قاعات ثقافية بالمدينة تستوعب اختلافاتنا بالمجان غير المؤدى عنه.
منظومة الفساد والإفساد أصابت حتى مكون الثقافة بمدينة مكناس، من خلال انتشار أورام التخلف السياسي الذي أصاب بالنخر عمليات التنمية والتمكين. فلا مسرح كبير، ولا مركبات سوسيو- ثقافية قادرة على تأطير الساكنة، مادام السياسي بات نفعيا وملتصقا بالكرسي فقط، ولا يكلف نفسه التفاعل مع القضايا الثقافية بالمدينة والشارع.
نعم، الثقافة بالمدينة تُعاني الظلم (الحكرة)، وقد نقدر بأن نقول علانية:" بأن مكناس تعيش لحظات من الظلم في فُقدان العدالة المجالية في انتظام الثقافية". لن نوسع حقينة أزمة مدينة بالتداعي في جميع المكونات، وفي نكوص جودة الحياة والسعادة، ولكنا نُبرز بأن الثقافة بمدينة مكناس تُعاني سياسة التبخيس، وغياب الاعتراف بالمرجعيات الثقافية المتحررة من الفساد السياسي ومن (غوغاء) ماسحي أحدية الولاءات !!!
اليوم قد نبحث عن ثقافة تؤطر وعي الإنسان، وتتناول القيم التقليدية بالتحيين والتحصين والتجديد. اليوم نبحث عن بنيات ثقافية تستقطب الجميع، ولا تنفر من الفعل الثقافي بالمدينة، فهل من مستجيب يضمن رقي الفعل الثقافي بمكناس وبالمجان؟
كثيرة هي الأسئلة التي تنتج أجوبة متناقضة، لكنا اليوم نعبر عن رفضنا التام بأن تصبح قاعات عمومية (تخضع للدولة) تُوازي وبلغة السماسرة (أداء السومة الكرائية مُسبقا!!!) لأجل استغلال قاعة عمومية (وبلا مكيفات هوائية) في لقاء ثقافي. قاعات مكناس (العمومية) جلها باتت بالكراء، مثل قاعات الحفلات الخصوصية (النسيج الجمعوي/ قاعة الأوقاف/ القاعة الكبرى للمركز الثقافي محمد المنوني/قاعة المعهد الموسيقي/ قاعة الإسماعيلية ...( والآتي فضيع... ولِي بَاغي يَدير شِي نَشاط ثقافي يَديرُو فِي دَارُو... !!!)، أبهذا نشجع الفعل الثقافي بالمدينة ونحارب التفاهة والبلاهة المتفشية ؟ أبهذا نُرْعى الثقافة بالاحتضان، وننتظر منها بناء القيم، وتأطير النزيه للسلوكيات المدنية ؟ أبهذا نصنع الهوية الثقافية الحصرية بمدينة مكناس؟
بمكناس قد ينفلت الزمن الثقافي الراهن زيادة، حتى من داخل قاعاتها العمومية القليلة (المؤدى عنها)!!! فرغم تواجد نيات صادقة (المديرية الإقليمية للثقافة بمكناس) والتي تُحاول إخراج الثقافة من غرفة الإنعاش الباردة منذ الزمن المتراخي !!! لكن الحقيقة المرة، في ظل لا دعم للجمعيات الثقافية والفنية، ولا عدالة حتى في تمكين الجمعيات الثقافية من قاعات المدينة (العمومية) بالمجان، وبلا معيقات بيروقراطية، فإن الثقافة قد تبيت مثل مهرجانات تتسيد بالمال العام، وبلا أثر لها بالمدينة !!!
ضجيج النقاش العمومي (إعلام الشارع) للثقافة كثيرة، وبلا أثر حلول عادلة بمدينة استهلاك المتناقضات !!! لكن النقاش الجدي يغيب في جواب غير ماكر: كيف نرتقي بالثقافة قدما؟ كيف نوقف كراء القاعات العمومية لنشاط ثقافي جدي ونظيف ؟ اليوم المدينة تبحث عن هوية ثقافية جديدة، لكن وضعية الحال تحاصر (بكراء القاعات العمومية)، والدفع بالثقافة نحو الجمود والتكاسل عن أي نشاط !!!
اليوم لا نخوض موجة ضد شخص معين، بل نريد أن تسترد المدينة بريقها الفعال في مكون الثقافة والفن (مدينة الثقافات). ومن الأمور العادلة أن تستجمع المدينة جهدها لبناء مشروع فكري/ ثقافي يُفجر مفهومية الإبداع من الداخل، ويعمل على ترميم ما ريبته التفاهة والبلاهة من الوعي الجماهيري للثقافة النظيفة، فهل تقدر مديرية الثقافة بمكناس من إنقاذ المدينة من هذا الفشل الحتمي؟
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2025-10-22 17:34:50 |