آخر الأحداث والمستجدات
محسن الأكرمين: من الكتابة قد يبدأ التغيير...
أكتب للمغاربة أينما يوجدون وحيثما وجدوا، عن الوطن الإنسان و الأرض . أكتب عن برازخ الترف وأهل الحل والعقد. أكتب عن تجليات أسباب البؤس وهم الحياة. أكتب عن الوطن الذي نتقاسم هواؤه بلا رسوم ضريبية، أكتب عن وطن لا نقدر القبض فيه على عدالة الاستفادة من ثرواته بالإنصاف والمساواة.
أكتب عن كل أصنام كراسي السيطرة السياسية، والتحكم في الرقاب والأرزاق. أكتب عن مخلفات توزيع الثروة اللاعادل، وضد كل أشكال الفساد والريع (حلال). أكتب عن القيم وحقوق العباد والوطن، وعن جفاف بئر القيم و أخلاق العناية في وطن التفاوتات، قبل موسم الجفاف والعطش. أكتب عن عوزنا في تجديد قيم تُوازي التحولات الاجتماعية. أكتب عن نكوص رؤية الخير بالموازاة مع طوفان المكر والخداع والفساد والشر. أكتب عن تحويل المثُل السليمة والأخلاقية إلى ماض يوصف بالرجعية. أكتب عن صفقات التحديث بتسويق ثقافة التفاهة الهجينة، و طمس محتويات الثقافة الملتزمة.
الوطن الذي يسكني، ويوحدنا بالعدل عبر تسلسل رقم بطاقة، هو الذي أكتب عنه بفخر، وبلا مشوشات من نخبة الفكر الخاملة، ولا من النقاد المتشائمين، ولا من اللغويين الشكليين في النحو الكلي وسياسة الرفع والنصب والجر والراحة داخل ردهات الثقافة النفعية. هو الوطن الذي وزعت فيه مشاتل طفيلية أنبت الوصولية والانتهازية والنصب والاحتيال والفساد. هو الوطن الذي صُنعت فيه بصيغة المبني للمجهول، المستبد بالسياسة، والممتهن لها. هو الوطن الذي لم ينصف كل مواطنيه بالعدل والمساواة والحق في حياة الكرامة.
أكتب إليكم جميعا يا من يتحركون وبلا أسناد ضابطة من العدالة الاجتماعية والمجالية على أرض الوطن الطيبة، يا من يتحركون بتلف وسط زحام (الحكرة) واحتكار الغلاء. أكتب إليك أنت والآخر ، ونحن بالمذكر والمؤنث في مغرب العمق وهوامشه القصية والدانية. أكتب عن رائحة عرق تعب الحياة ووجع ضبابية. كل الكتابات تبقى يتيمة بثوب نظافة كفن حدوث موت المستقبل. كل الكتابات تستكين إلى معقوفات قسوة الحياة و توتر التفكير السياسي البديل، ما بعد هذه الحكومة؟.
حين أكتب تنطلق الذات بالتعبير عن بعض متنفسات كَرْب الحياة. تبدأ الريشة تبحث عن مداد الكرامة والعدالة والحقوق، وحماية القانون من القاعدة الشعبية بالبدء. لكنها قد تنكسر لزوما أمام عيوني، وبين أناملي عمَّا فسد ويُفسد تفكيرنا جميعا في إدارة التغيير ضمن حوض استمرارية الاستقرار الاجتماعي.
أكتب عن المواطن البسيط حد الروعة. أكتب عن مطالب معدودة على رؤوس اليد الواحدة (كرامة/ عدالة/ حرية/ إنصاف/ حكامة... العدالة المجالية !!!). أكتب عن المواطن الذي يُمنِّي نفسه بتعليم عمومي وفق رؤية الإنصاف وتكافؤ الفرص و الجودة. أكتب عن المواطن الذي يرى العدل في نيل الرعاية الصحية والتعليم بالمجانية والجودة. أكتب عن المواطن الذي لا يقبل الإحسان المفبرك والمخدوم( قفة رمضان وذبيحة العيد !!!). أكتب عن المواطن الذي تمرغت إنسانيته وسط مطارح الأزبال بالهبش والنبش في القمامة لقاء لقمة عيش كريمة بالجد ونجنب مد اليد للحسنة. أكتب عن المواطن الذي يطمح إلى بلوغ بداية سلم الكرامة في المعاملة و المساواة عند الدولة التي تتحكم في الأرزاق والعباد.
أكتب إليكم جميعا عن بوابات خلق مصالحة توافقية بين كل مكونات الشعب المتفردة والمشتركة. أكتب عن جبر الضرر والتعويض عن موائد البؤس والفقر والعوز لغالبية الشعب.
لكني بالطبع الميسر لن أكتب لجهابذة الكتاب والفكر وهم في منتجعاتهم على الأرائك متكئين (الطبالة: المهرولون نحو المنافع/ الوصوليون والانتهازيون/ عشاق الريع/ عشاق قطط الموائد... !!!). لن أكتب لنقاد القسوة التقليديين ومسقطي المناهج الغربية والقيم الوافدة ، لأن مهمتي كانت دائما تكسير الجدار الرابع، والثورة على تصويباتهم الفجة وتعديل سلوكياتنا وقيمنا تجاه تحولات العصر.
لن أكتب للشكليين من ذوي النحو الكلي (البصريون والكوفيون) فهم في قياس الكلمة بين الرفع والجر والنصب ملتصقون، ولا زالوا مع إخوة كان وليس يمارسون ثقافة (أبا هند فلا تعجل علينا…). لن أكتب عن الانطباعيين في المدح و ثقافة التكريم السمجة، بل أنا بحق أمارس حقي في الكتابة (حرا طليقا بالتنوع) عَمَّا في حياة المواطنين وفي نفسي من تهافت لضبط عقارب القيم والقانون والحقوق.
| الكاتب : | محسن الأكرمين |
| المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
| التاريخ : | 2025-12-01 20:27:29 |











