آخر الأحداث والمستجدات 

ويسلان: تقوية أم تضعيف لتنافسية مكناس الترابية ؟

ويسلان: تقوية أم تضعيف لتنافسية مكناس الترابية ؟

تبوأت مدينة مكناس مكانة مهمة خلال فترة الإستعمار،بفعل موقعها المشرف على فوهة المقاومة المسلحة بالأطلس المتوسط و الشرق،فضلا عما يتمتع به بسيطها من خصب التربة ووفرة الماء السطحي والجوفي... 

اهتمام لازالت بصماته ماثلة في مدينتها الجديدة, التي اتخذها المستعمر لنفسه كمجال لبسط سلطته المعمارية والسياسية والعسكرية والإقتصادية. ولذلك جند كل إمكاناته المادية والبشرية قصد تخطيطها وإسنادها أهم الوظائف العصرية, حتى سميت بـ"باريس الصغرى". وإن كانت اليوم تعيش على إقاع الإبادة المعمارية من خلال زحف البنيان العالي, الذي أقبر مناطقها الخضراء ومسح الكثير من ملامح جمالها... لعلها ستتحول إلى "طوكيو الصغيرة" لا "باريس الصغيرة". إهتمام واكبه استعمار فلاحي لفلك المدينة( الإستلاء على أراضي كروان ومجاط...) مما حرك أفواج الهجرة نحو المدينة. فتزايد حجمها الديموغرافي واتسع مجالها المبني بشكل عجز الوعاء العقاري للمدينة عن احتوائه. فتطايرت شرارة هذا الإنفجار فوق الهضبة بظهور مجموعة من المراكز الضاحوية للمدينة. لعل هذه الأخيرة وجدت فيها متنفسا لها, لكن العلاقة بين المدينة وحوائرها تزداد تعقيدا حاليا, في ظل هاجس التحضر والتوسع العمراني السريع الذي يعرفه المغرب الراهن. وهي العلاقة التي جعلناها محور لمقالنا هذا لمّا أخذنا نموذجا لضواحي مكناس وأردنا ضبط علاقته بهذه الأخيرة على مستوى تنافسيتها الترابية. والأمر يتعلق ويسلان. هل تساهم ويسلان في الرفع من تنافسية مكناس الترابية؟ وما مظاهر ذلك إن كان كذلك؟ وماشروطه؟ أم أن ويسلان يشكل عبئا إضافيا على المدينة إذ  يعدو دوره في تأجيل وتخمير مشاكل مكناس السكانية والسكنية ؟ .

يمكن القول أن ويسلان ساعد على التأهيل الحضري للمدينة وساهم في تحديث اقتصادها، حيث مكن ويسلان مدينة مكناس من التفرغ لإعادة تأهيل نفسها حضريا وسوسيواقتصاديا وعمرانيا... من خلال التطهير العفوي\الممنهج للسكن غير اللائق وفئاته الهشة في إطار عقدة مدينة مكناس "مدن بدون صفيح".

كما ساهم ويسلان في تطوير اقتصاد المدينة، ذلك أن إشكالية السكن غير اللائق تتعدى أبعادها السلبية من خلال  المنحى الإجتماعي أو غياب العيش الكريم بل يصل إلى كونه كان يوجه لكمات تحت الحزام لإقتصاد المدينة، لعلها كانت ضربة قاضية لقطاع السياحة..

فإيجاد وعاء عقاري جديد تطرح فيه مكناس ما عجزت عن احتوائه من مشاكل سكانية وسكنية، تتعدى أبعاده الإيجابية: تحسين مظهر المدينة ،مساعدة فئة اجتماعية معلومة، إلى المساهمة في تنمية وتحديث اقتصاد المدينة .

ثم ويسلان مجال لإعادة التأهيل الاجتماعي وتحسين جودة الحياة لفئة أدارت مكناس لها الظهر. وذلك من خلال جهود تبذل في مجالات اجتماعية، ثقافية، اقتصادية..

وبالتالي اليوم يجب اعتماد نظرة شمولية في تأطير وتهيئة هذا المجال المعقد، خاصة وأن الوكالة الحضرية تعمل على إنجاز المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وانطلاقا من هذا المخطط يجب التفكير في الفئات التي لا تتوفر على دخل قار، كذلك إضافة التجهيزات الجماعية التي تنقص الجماعة، ومد بعض الأحياء بالإنارة الكافية وبخط للنقل الحضري، فالتطور السكاني يرافقه متطلبات وحاجيات للسكان بعيدا عن منطق تصريف المشاكل لأجل غير مسمى. 

خلاصـــــــــــــــة:

لعل الحديث انساق بنا إلى اعتبارأن ويسلان مقوي لتنافسية مكناس الترابية. صحيح, لكن ليس بهذه البساطة. توجد سيناريوهات أخرى مضادة محتملة. علينا أن نكون واعين أن مدينة مكناس بتصريفها لمشاكلها على حساب ضواحيها إنما هو تغيير لمجال المعالجة, من خلال إيجاد مكان يساعد على معالجتها وليس خلاص نهائي منها كما يبدو. يعني أن تجاهل هذا المشاكل بعد تصريفها سيكون له أثره السلبي على المدينة الأم وبشكل أقوى. ذلك أنه لما استمر اتساع كل من ويسلان ومكناس, وبدا أن التحامهما شيئ مؤكد, اتضح أن مكناس بتصريفيها لمشاكلها السكانية على حساب ضاحيتها, إنما كانت تؤجلها فقط. وهو ما جعل البحث عن مجال آخر للطرد يفرض نفسه, كما يدفع بمكناس إلى أن تتصالح مع الآهالي الذين سبق أن طردتهم من خلال تكثيف جهود إعادة التأهيل السكني والإجتماعي والإقتصادي وتكثيف ومساعي التجهيز...وهو الأمر الذي لم يرتقي بعد إلى تطلعات الساكنة التي لا زالت تحن وترجع إلى أمها في أبسط المتطلبات ( دراسة, صحة, شغل, سوق...). مما سيجعل ويسلان عبئ إضافي للمدينة بدل منه خلاصا لمشاكلها.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : شورافي محسن
المصدر : باحث في قضايا التعمير وتنمية المدينة
التاريخ : 2014-11-01 01:08:48

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك