آخر الأحداث والمستجدات 

لنتفهم أبناءنا ...

لنتفهم أبناءنا ...

الدخول المدرسي على الأبواب ،

فكيف نهيئ أطفالنا نفسيا وبدنيا لسنة دراسية جديدة نتوجها بالنجاح والتفوق والتميز؟

و نحن على مشارف انتهاء العطلة الصيفية و على أبواب الدخول المدرسي لن نثير مسألة تدهور التعليم وانحطاطه ومن المسؤول عن ذلك، فهذا الجانب من الموضوع استهلكناه بما يكفي ، لكن سنتطرق إلى كيفية اكتساب المهارات الدراسية و كيف يمكننا تهيئ أطفالنا لاستقبال موسم دراسي جديد بنشاط و حيوية و مشاعر إيجابية .

مستقبل أطفالنا هو الموضوع الذي يؤرق تفكير كل أولياء الأمور ، فكل منا يطمح لإتاحة فرص تربية و تعليم مناسبة و مناخ تربوي ملائم لطفله بهدف تحقيق ذاته و مساعدته على أن يكون فردا فاعلا في مجتمعه ، يفيد و يستفيد، و ذلك باتباع وسائل مختلفة توفر له فرص النمو و التوازن و إشباع ميولاته و رغباته و تعلم قواعد السلوك السليم و أساليب التواصل من أجل اندماج فعال و إيجابي داخل محيطه المجتمعي ، لكننا نعلم أن مجهودات الأسرة وحدها غير كافية لتحقيق كل ما نطمح إليه بل لابد من تدخل مؤسسات اجتماعية أخرى و أهمها المدرسة لذا لابد من تناغم إيجابي بين المؤسسة التعليمية و محيطها الإجتماعي المباشر بكل مكوناته .

مع اقتراب قدوم العام الدراسي الجديد يسارع الآباء و الأمهات إلى شراء المستلزمات من ملابس و كتب و يغيب عن الأذهان أن الإستعداد العام للدخول المدرسي لا يقتصر على ما هو مادي فقط بل يعتمد بشكل أساسي على الإستعدادات النفسية و البدنية و تهيئة أطفالنا لاستقبال الموسم الدراسي الجديد بروح جديدة و معنويات عالية .

لذلك سنقف أولا عند الجانب النفسي الجسدي، ثم نعرج على الجانب المهاراتي، وأخيرا الجانب المادي. كيف نجعل الطفل ينظر إلى الدراسة من زاوية إيجابية بعيدا عن اعتقاداته السلبية كمصدر استفادة ومتعة؟ إن درجة الاستعداد النفسي لدى التلميذ ترتبط بنظرته للدراسة وبتمثلاته الواعية واللاواعية.

فالعامل النفسي هو ذلك الدافع الداخلي للإقبال على الفعل أو النفور منه و الناتج عن اشتغال العقل الباطن المؤدي إلى تحديات سلوكية نابعة من الشعور بكل من الألم والمتعة.

إذا ربط الطفل الدراسة بالألم فإنه سيختلق ما لا يحصى من الأعذار للتهرب منها أو على الأقل لن يقبل عليها بالحماس المطلوب .

في المقابل إذا ارتبطت الدراسة في لاوعي الطفل بالراحة النفسية والمتعة فإنه سيقبل عليها بشغف دون تردد ، و بالتالي على المربي مراعاة النمو المعرفي و الجسمي و الانفعالي و الاجتماعي للطفل و الأخذ بعين الاعتبار كذلك العلاقة بين المتغيرات الاجتماعية و صحته النفسية في كل مراحل حياته ، فالأفكار الإيجابية تؤدي إلى مشاعر إيجابية وينتج عنها سلوكات إيجابية تشكل شخصية إيجابية ومن ثم مصير إيجابي ، فمن بين الأسباب الرئيسية التي تجعل الطفل يشعر بقلق نفسي ينجم عنه رفض تام للذهاب إلى المدرسة هو الخوف من مغادرة منطقة الراحة التي يشعر بها رفقة أفراد أسرته ، زيادة على التنشئة الأسرية السلبية التي تقوم على الحماية الزائدة و الاهتمام المفرط مما يؤدي إلى تكوين طفل ذو شخصية هشة ، متشبع بتمثلات سلبية تمنعه من الاندماج خارج محيط أسرته ، لذلك علينا أن نلتزم نحن كمربين مع أطفالنا بتعاقد وجداني و حوار أسري جاد يحقق لكل الأطراف رضا نفسيا ذاتيا يلتزم بحرية الفرد الشخصية بعيدا عن نقل مشاعر الخوف من الأهل إلى الأطفال و تحذيرهم من التعامل مع أقرانهم كأنهم على مشارف معركة .

إلى جانب الاستعداد النفسي لابد من الاهتمام بالاستعداد البدني و ذلك بتنظيم أوقات النوم و تفادي السهر الذي تعود عليه الأطفال خلال فترة العطلة مع تغيير العادات الغذائية و ممارسة الرياضة بانتظام لضمان النشاط و الحيوية و الإقلال تدريجيا من الألعاب الالكترونية و مشاهدة التلفاز مع الحفاظ على ممارسة الهوايات بشكل مقنن، و لا ننسى ضرورة اكتساب الطفل مهارات حياتية تساعده على التأقلم مع جو الدراسة من تنظيم الوقت ، زرع الثقة في النفس ، تزويده بطاقة إيجابية تساعده على التعلم الذاتي و الاعتماد على النفس ، تنشيط الذاكرة من خلال أنشطة تعليمية محفزة و مختلفة و ذلك بهدف الحفاظ على الاستقرار و التوازن النفسي و الجسدي للطفل .

و حري بالذكر أهمية الجانب المادي و إشراك أطفالنا في عملية اقتناء الأدوات و اللوازم المدرسية مع الأخذ بعين الاعتبار حرية الاختيار لنزرع فيهم الثقة في النفس و تقاسم المسؤولية بغرض التخلص من الإيحاءات السلبية التي تكبل قدراتهم و مهاراتهم الحياتية وتلغيها .

من خلال ما سبق يتضح لنا مسؤولية أولياء الأمور في ضمان سلامة الصحة النفسية و البدنية لأطفالهم و ذلك من خلال توجيه رسائل و إيحاءات إيجابية و تصحيح تمثلاتهم السلبية بمراعاة عناصر أساسية نفسية ، جسدية ، اجتماعية و مهاراتية ، تركز على جوانب مهمة في تحقيق الهدف المرجو من حياة اجتماعية متوازنة و صحة نفسية سليمة وعودة ممتعة ومفيدة لعام دراسي جديد متوج بالنجاح و التفوق.

ذة رجاء قيباش

كوتش أسري و تربوي و مدربة معتمدة في التنمية الذاتية / باحثة في علم الاجتماع .

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : ذة رجاء قيباش
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2019-08-30 17:54:54

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك