آخر الأحداث والمستجدات 

وجهة نظر حول الطريق المزمع انشائها بساحة الهديم

وجهة نظر حول الطريق المزمع انشائها بساحة الهديم

ساحة الهديم تئن من جديد تحت ضربات معاول الأشغال التي لا تنتهي، فالهدم هو قدر كتب عليها منذ زمن السلطان المولى اسماعيل، وهندستها لم تستقر بعد إذ تتغير حسب قرارات المسؤولين.

 

هذه المرة يتعلق الامر بورش إعادة تهيئتها في إطار برنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لمكناس بغلاف مالي قدره 2600 مليون سنتيم.

فبعد إزالة قبب ساحة الهديم والتي عمرت لما يربو عن ثلاثين سنة بقرار أحادي لم يستشر فيه أحد، العين الآن على شق طريق للسيارات عبر الساحة، وهو المشروع الكارثة الذي سيقضي على هوية الساحة وعمقها التاريخ أمام صمت الرأي العام المكناسي.

ساحة الهديم أراد لها المولى اسماعيل أن تلعب دور "الفوروم" حيث يجتمع الناس عند الأفراح و الأقراح، وتتم فيها البيوع وتنشط فيها التجارة و الفرجة أيضا، و تهيئ فيها الجيوش، و يخرج فيها السلطان بزينته. فعوض أن يعيد البرنامج للساحة شموخها و إبائها و هويتها و تألقها التاريخي كساحة سلطانية فريدة من نوعها في المغرب، نراه يسعى لتقزيمها عبر شق طريق هجينة. 

ساحة الهديم لم تكن بها طريق في الأصل كما يعتقد البعض بل الطريق التي نراها في الصور القديمة هي من إنجاز المحتل الفرنسي سنة 1914 بهدف فتح الطريق نحو المستشفى العسكري لويس الذي كان بدار الجامعي. وضلت هذه الطريق قائمة إلى عقد الثمانينات حيث حضرت الحكمة و أزيلت، والآن يحضر العبث من جديد والانفراد بالقرار. 

برنامج التثمين يجعل من المكناسي مجرد متفرج لما يحدث في مدينته، في حين أن التصرف الحضاري و المناسب الذي نجده في دول أخرى يقتضي إشراك الساكنة و الفاعلين في المدينة. وهناك وسائل ديموقراطية و عملية عدة لجس النبض كاجراء استطلاع للرأي و إجراء مناظرات و أيام دراسية من أجل الاستماع لاقتراحات المجتمع المدني و المهتمين بالتراث.

ساحات تاريخية في المغرب لم يتم المساس بها كساحة جامع الفنا بمراكش و ساحة بوجلود بفاس و ساحة عبد الوهاب بوجدة وتم الحفاظ على أصالتها ووحدتها و تناسقها، فلماذا ساحة الهديم؟   

إن قرارا مثل هذا بالاضافة لتعديه على أصل الساحة فانه سيزيد من عشوائية المدينة القديمة و سيقضي على سكينتها بنشره للتلوث الهوائي و الصوتي داخل أزقتها الضيقة التي ستجد نفسها مختنقة في فوضى مرورية يمتزج فيها الراجلون و السيارات. ولو أرادوا فتح الطريق للاسواق فهناك أصلا طريق جاهزة ومعبدة وراء سوق الهديم هي الآن محتلة من طرف الفراشة، لماذا لم يحرروها؟

ويدعي البعض ان شق الطريق بمحادة سوق الهديم جاء لردع أصحاب المقاهي وهو عذر أقبح من الزلة، فهو كمن هدم جزءا من داره لمنع الناس من الجلوس أمامها. أي منطق هذا يتم بموجبه تشويه ساحة تاريخية من أجل منع الاعتداء على الملك العام؟ وهذا يذكرنا بما فعله المسؤولون بمدينة فاس في طريق صفرو حيث أنشؤوا سياجات حديدية على شكل زيكزاك على طول الرصيف من أجل منع الفراشة، فشوهوا المنظر و منعوا الناس من الرصيف، وقطعوا الطريق وهو ما أثار سخرية كبيرة. منع الاعتداء على الملك العام يأتي بقرار جريئ وحازم ومراقبة و تتبع كما يحدث في أسواق المدينة القديمة للرباط و ليس بتشويه التراث المعماري للمدينة.

نناشد المسؤولين أن يتقوا الله في هذه المدينة وأن يحافظوا على هوية و أصالة ساحة الهديم و باب منصور كما باقي معالم المدينة، و أن يستشيروا مع اهل الدار و يتفادو القرارات اللاشعبية.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : عبد الجبار خلوقي
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2022-02-09 14:18:36

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك