آخر الأحداث والمستجدات
كيا على كيا ...قلت أنا لميما ... قلبي مجروح...
قد نفر من الماضي ونحن نحمل معنا الخوف المزدوج، من شدة قسوته. قد نكره تذكر أحداث الماضي من شدة بؤسه ونغني ترديدا مع الكورال " وردة على وردة قالوا: ماذا جرى؟ قلت أنا لميما قلبي مجروح ... كيا على كيا قولوا لي كواني لي مشى وخلاني ... دمعة على دمعة قولوا للغالي لي مشى بلا رجعة هذه هي الدنيا ... ". لكنه يبقى الماضي حاضرا بيننا، ونتقاسم موارده، وقد يفد عندنا بالدوام، وبلا تقطع حتى في نوم الليل. هو الماضي الذي نصنفه خفية بترقيم ذاكرة، ونضع عليه حراسا شدادا غلاظا في درج هم الحياة .
وحين يهزنا الحنين إليه، يخرج مثل جني علي بابا من قمقم فانوس مظلم، فيروع الجميع !!!
من المفارقات العجيبة، حين يصير المستقبل وَهماً مُحنطا بالخوف والفزع. من مفاسد اقتحام التغيير والتطوير، حين يصبح المستقبل صعب التطويع والقيادة. من الخدع المتكررة، حين يبقى الماضي حاضرا وواقفا، ويتحرك بسرعة البراق، وينقط المستقبل بالإيجاب، أو بنهاية السلبي وإحراق روما من شدة الحب !!!
قد نعيش عيش المخدوع والخدع، وهي صدمة من الواقع. فلعبة الحياة حتما لا تنتهي قطعا بالبسمة والفرح (الولادة)، بل بنهاية البكاء حتما (الموت) فنزار يقول : الحياة (مثل الموت والولادة صعب أن يعاد مرتين) . هي المرايا المنكسرة، التي تعري العيوب جلها، ولا تبقينا في قفص بحكم البراءة. هي المرايا التي قد تبكينا صدمة من مساوئ الأفعال المسكوت عنها خلسة. هي قيم الإنسانية الخاملة بالنوم والكسل ، والتي لا يقدر أحد عن كشفها وتعريتها بنيويا.
مرات عديدة، ونحن نبحث عن تموضع القلوب بين ثلة اليمين وكثلة اليسار. مرات نتحسس دقات قلوبنا الباهتة، فنطالب من الآخر إجراء تخطيط لنبضات الحياة السوية. إنها الآفة الوضيعة من أشكال المغالطات المتراكمة، فالدنيا قد تكون في قنينة عطر تظهر وتختفي مثل الثعلب. لكن الثعلب تعلم وبات ذكيا، حين ارتوى انتشاء من مهارات الحيل بالتجديد. ثعلب قرأ المنهج التاريخي وفسره بحيله، وكان يجدد طاقته الذاتية باستبدال ألوان المكر، والخديعة (الحديدانية).
من بهتان عشق الدنيا، حين نقبل شفاها، ويأتي الخريف ليسقط تويج بتلة الزهرة أرضا. فالحب والحزن فلسفلة متحركة لتأثيث الحياة بصورة من جيل الأبيض والأسود. هي معارك متناحرة من الحياة التي لن ينكرها أحد أنه عايشها بالربح والهزيمة. فحين يحضر الحزن في الحاضر نتوقع أن علبة الصندوق قد فتحت ليلة القدر. وحين نحلم بالمستقبل، نكون قد ضيعنا جزءا من الماضي بالنكران والتناسي. فمن منا، يقرأ ذاته (أنا حزين،إذا أنا موجود) !!من منَّا، يصنع محرقة تشابه نار سيدنا إبراهيم، ويخرج منها سالما آمنا من الحزن ومن الألم ومن المكيدة، ومن كل المخلفات النفسية "كيا على كيا قولوا لي كواني لي مشى وخلاني ..." !!!
من سذاجتنا أننا لا نستمع إلى قلوبنا حين يخفت خفقانها بالتريث والوفاء. من الأمراض النفسية أن رسم قلوبنا الطبي سليم في بطاقة الآلة، ونحن نعيش متعة الألم و اختناقات وجع التنفس. قد تموت حواس الحب والحزن، قد نفقد متعة الحياة في الحاضر والمستقبل، لكنا قد لا نفقد حلاوة الماضي إذا ما طورنا عقباته وفجواته إلى قناطر طريق بدون مخفضات سرعة نحو حلم المستقبل.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2022-02-23 20:19:49 |