آخر الأحداث والمستجدات 

اللهم قد جف الضرع ويبس الزرع ولا مولى لنا سواك لا اله إلا آنت الغني ونحن الفقراء ...اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين...

اللهم قد جف الضرع ويبس الزرع ولا مولى لنا سواك لا اله إلا آنت الغني ونحن الفقراء ...اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين...

دعاء إلى السميع العليم بأكف أياد مفتوحة سماء، وخشوع مَذلَّة "اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث غدقا نافعا، تدر به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيي به الأرض بعد موتها". هو الحنين إلى المطر يزيد، وطلبه بتوسل وخشوع بالدعاء الجماعي "اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا نافعا غير ضار... اللهم قد جف الضرع ويبس الزرع ولا مولى لنا سواك لا اله إلا آنت الغني ونحن الفقراء...".

دخلنا النصف الأول الفلاحي من شهر أكتوبر، والسماء لم تمطر مطرا بعد. مرَّ شهر شتنبر بتمامه وكماله ولم نرزق مطرا ساقيا منبتا. 

  للموروث الشعبي حضور في الذاكرة التاريخية اللامادية. كانت بحق ممارسات ذات مرجعية دينية، وأخرى عرفية متداولة. فحين كان يشح المطر وتجف الأرض، يخرج الصبيان للأزقة وهم يرددون: (آسبولة عطشانة اسقيها يا مولانا… آفولة…)، نعم كانت تلكم البراءة المتحركة التي تُخرج الأطفال، بلا بيانات إخبارية وبلا دعوات في المواقع التواصلية الاجتماعية والفورية. كان الأطفال ينخرطون بطواعية في حركة دائبة لدعوة الرحمان الرحيم رأفة بعباده و بهيمته وطبيعته.

 

 نعم كانت أُمسيات يتوسل فيها الأطفال مجموعات للرب العلي بالمطر حد الكفاية والحاجة، وعند كل بوابات البيوت يتم رشهم، ورميهم بالماء من طرف النساء تيمنا بمطر السماء.

هي (الشتا… تا… تا) التي غَارتْ، وجفت عندها الأرض جفافا مفزعا. هي (الشتا… تا… تا) التي قد تُبرق في أي لحظة، وبأمر رباني. هي الأرض التي باتت عطشانة، ومطالب "اسقيها يا مولانا" بصلاة ودعوات خشوع. يذكر التاريخ القريب أن هنالك طقوس شعبية من الموروث الثقافي العرفي، كانت تحرك الصغار والكبار لأجل طلب الغيث. فقد كانت لطقوس الاستمطار- (بلا تعديل الطقس بمواد كيميائية)- في فترات الجفاف، خروج جماعي عفوي. طقوس تتمحور حول استدرار المطر بالخنوع والتضرع (حمل النعال وقلب الملابس). 

 

طقوس تتوزع وتختلف حسب المناطق المغربية بين حمل الأطفال الأطباق الفارغة، ووضعها فوق الرؤوس. وبين الأناشيد والدعوات البسيطة، والابتهالات والشعارات بالعربية والدارجة والأمازيغية، والقيام بالسير نحو المنابع والأنهار توسلا. هي طقوس كانت عرفية بسيطة، وقد تمتزج بمعتقدات أخرى خارجة عن سياق الدين، لكنها تبقى عادية بالعادة، والعرف الاجتماعي كلما جفت الأرض، وانقطع صبيب السماء مطرا.

 

من بين الطقوس" تاغونجة" أي عروسة المطر الأمازيغية، عروسة مصنوعة من قصب وثوب بلباس نسائي. عروسة تقوم وقوفا على (المغرفة الخشبية) من خشب العرعار، ويتم الطواف بها عبر مسافات طويلة، والأرجل حافيات، والملابس الفوقية (مقلوبة). فيما الأطفال فيكونون في مقدمة الموكب تيمنا بالبراءة، وبأن لا ذنب لهم في حكم جفاف السماء.

 

كان تَوَاؤُمٌ شعبية في طقوس" تاغونجة" يتم ترديد مجموعة من (الشعارات) التي تطلب الغيث…" تاغونجة …تاغونجة… يا ربي تصب الشتا…". ومن ملامح نهاية مطلب الغيث رمي" تاغونجة" في الماء عارية … وحين يجرفها السيل تعلو زغاريد النسوة… وبأن (النية كانت مقضية)..تمغربيت سير... سير ودير النية.. .

 

يا رب تصب الشتا… دعاء بسيط. يا رب غيثا حتى يقطر بيتنا… يا رب تجيب الشتا… فالأرض عطشانة اسقيها يا مولانا. فيما صلاة الاستسقاء فهي الأصل الديني، والخروج إليها جماعات نحو المصليات لطلب الغيث واجب وفرض كفاية، والتوسل بالأدعية الصحيحة، والله المستجيب (اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً طبقاً غدقاً نافعاً غير ضار رائباً غير عاجم تُدِر به الضرع وتنبت به الزرع وتحيي به الأرض بعد موتها...).

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2023-10-17 17:54:27

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك