آخر الأحداث والمستجدات
على مسؤولتي غير العادية: هل تتجه الرياضة بمكناس نحو أحادية الرأي وتغييب الإعلام ؟

في ظل التحولات التي تعرفها الرياضة الوطنية، يبدو أن بعض الفرق تسير في اتجاه مقلق، من "أحادية النشاط" إلى "أحادية الرأي"، في مشهد يكرس تكميم الأفواه بدل قبول النقد البناء، والإقصاء بدل الانفتاح. ويكاد لا يختلف اثنان في محبة الفريق المكناسي لكرة القدم، فهو ليس مجرد نادٍ رياضي، بل كيان جماهيري تملكه المدينة بالحب والانتماء والتاريخ، والعشق للألوان. من هذا المنطلق، يصبح من المشروع طرح الأسئلة وانتقاد المسارات، ما دام الهدف الأسمى هو المصلحة العامة.
فالنقد، حين يكون مهنياً وبنّاءً، لا يستهدف الأشخاص ولا صفاتهم ولا حتى مهامهم، بل يسلّط الضوء على الأداء، وآليات التسيير، ومدى احترام مبادئ الحكامة والشفافية في بناء القرار وتسويق المعلومة. غير أن الملاحظ اليوم هو ضيق صدر القائمين على الشأن الكروي المكناسي تجاه أي رأي مخالف، وغياب أي رغبة حقيقية في إشراك الإعلام كفاعل أساسي في المشهد الرياضي.
فعندما التأم ما تبقى من المكتب المديري والمنخرطين لجمع عام غير عادي للنادي المكناسي، كان الهدف هو مناقشة ملاءمة وضعية النادي مع متطلبات إحداث الشركة الرياضية، وفق القانون 30.09 المنظم للتربية البدنية والرياضة، والمعايير التي تفرضها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. لكن ما أثار الاستغراب، هو غياب التنظيم المؤسساتي الواضح والشفاف، وتجاهل الجسم الصحفي المحلي بشكل متعمد بالإقصاء، رغم أحقيته في الحضور والمواكبة.
وحتى إذا افترضنا أن المادة ( 14) من النظام الداخلي تتيح للرئيس دعوة من يراه مناسباً (الفعاليات الثقافية والرياضية والمدنية...)، فإن تغييب الإعلام يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة وأن مدينة مكناس تتوفر على جمعيات إعلامية رياضية فاعلة، نظّمت ندوات ومؤتمرات حضرها مسؤولون ومنتخبون وفاعلون في المجال الرياضي، من بينهم ممثلو نادي الكوديم نفسه.
ف في غياب الشفافية والوضوح، تتعاظم الشكوك، فالحديث عن امتلاك أعضاء الجمعية لـ99% من أسهم الشركة المرتقبة، وترك 0.01% للمجهول !!! لا يعكس وضوحاً في الرؤية وتقدير المسؤوليات التاريخية، بقدر ما يعزز الغموض. والسؤال المطروح: هل نحن بصدد تأسيس شركة جديدة أم نعيد إنتاج نفس التجربة السابقة بأسماء مختلفة، وبمقاسات أخرى؟ ما يعنينا في المقام الأول ليس الأرقام، بل الغياب التام للتواصل المؤسسي، ومحاولة فرض نمط تفكير أحادي، في مدينة كانت تأمل أن يشكّل صعود فريقها إلى القسم الأول بداية جديدة، لا عودة إلى الوراء.
في هذا السياق، نشر الزميل الصحفي يوسف بلحوجي (نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للصحافة الرياضية لفرع مكناس الحاجب إفران)
مقالاً في جريدة الاتحاد الاشتراكي، سلّط فيه الضوء على تغييب الإعلام من أشغال الجمع العام (غير العادي)، وقدم قراءة مهنية متوازنة مبنية على معطيات واقعية، بدلاً من الرد على المقال بموقف رسمي أو بلاغ توضيحي من المكتب المديري، تم اللجوء إلى ردود عشوائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي (إعلام الشارع)، تحاول خلط الأوراق وتسييس النقاش، وكأن حرية التعبير جريمة.
وفي الوقت الذي كان يفترض فيه التعامل مع المقال بأسلوب حضاري، إما بالتوضيح أو الرد المؤسسي أو حتى اللجوء للقضاء إن وُجد ضرر، تم تحريف النقاش إلى مستوى أقل ما يقال عنه إنه لا يليق بمدينة عريقة مثل مكناس. فأحادية الرأي باتت من أبرز المشاكل التي تعاني منها المنظومة الرياضية بمكناس، هو غياب قنوات التواصل المؤسسي مع مختلف الفاعلين، وعلى رأسهم الجسم الإعلامي.
فقد أصبح من المألوف الخلط بين المهام والصفات، واعتبار كل صوت مخالف خصماً يجب إسكاته، في مشهد لا يعكس أي رغبة في الإصلاح أو احترام قواعد التدبير الديمقراطي والحكامة، في المقابل ظل الإعلام الجاد بمدينة مكناس وفياً لدوره، ملتزماً بالمهنية، مدافعاً عن مصلحة النادي، مسانداً له خلال لحظات الأزمة، رافعاً شعار: "الخبر مقدس والتعليق حر". ولا يمكن في هذا الإطار تجاهل الرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات، والتي جاء فيها: " ولا يفوتنا في هذا المقام، التأكيد على دور الإعلام الرياضي في النهوض بهذا القطاع، باعتباره شريكاً لا مندوحة عنه في نهضته المنشودة ." فهل ستبقى مكناس خارج هذا التوجه الوطني؟ وهل سيبقى الإعلام عرضة للتهميش، في وقت يحتاج فيه النادي إلى تعبئة شاملة لمواجهة تحديات المرحلة القادمة، خاصة مع اقتراب تنظيم المغرب لكأس إفريقيا ( 2025) وكأس العالم( 2030)؟ الأسئلة كثيرة... والإجابات تبقى معلقة إلى حين تفعيل الشفافية بحق.
الكاتب : | متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2025-06-04 00:19:20 |