آخر الأحداث والمستجدات 

إدمان القاصرين..المصير المجهول !!

إدمان القاصرين..المصير المجهول !!

يعد الإدمان استسلاما جسديا ونفسيا لاستخدام مادة أو ممارسة نشاط بشكل مفرط، بحيث يصبح المدمن غير قادر على التوقف عن هذه العادة أو ما يعرف ب"البلية" على الرغم من تأثيراتها السلبية على صحته وحياته اليومية. ويعرف إدمان التدخين والمخدرات على أنه مرض مزمن يؤثر على دوائر المخ والأنظمة العصبية في الجسم، ويؤدي إلى تغييرات في سلوك متعاطيه من الجنسين ومن مختلف الأعمار،خاصة عندما  يتسرب الإدمان وسط تلاميذ المدارس الابتدائية والإعداديات ويضرب في العمق شريحة عريضة من القاصرين،قبل أن يلفظ بها في عالم الرذيلة والإجرام.

 

ولتسليط الضوء على آفة إدمان القاصرين وما قد يترتب عنها من عواقب وخيمة،قد تعصف بشريحة عريضة منهم وبأسرهم على حد سواء  إلى المجهول،ارتأت "الصباح"،ربط الاتصال برئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات الدكتور عبد السلام الكرومبي الذي وافانا بتصريح مرير وصادم في الموضوع.

 

حيث قال عبد السلام الكروبي،"إن المقاربة الوقائية من أفة الإدمان والحد من اتشارها ،تتجسد في تنظيم جمعيتنا لأنشطة توعوية وتحسيسية في المؤسسات التعليمية والتربوية والتكوينية والإصلاحية والمهنية إضافة إلى الفضاءات العامة، وذلك عبر إلقاء عروض حول الأسباب والتبعات الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية للإدمان. أما المقاربة التشاركية، فهي تقوم على توسيع وتفعيل لشراكاتنا، فيما المقاربة الثالثة فتخص البعد القانوني للآفة ،إذ تعمل الجمعية من خلالها على الترافع في قضايا تهم موضوع الإدمان، خاصة وسط المراهقين. مشيرا إلى أن خطورة استهلاك المخدرات على الصحة لم تكن يوما مجهولة لدى اي شخص او لدى مختلف الهيئات خاصة منها المعنية بالقطاع الصحي من قبيل منظمة الصحة العالمية، كما لا يخفى على احد ايضا حجم الكلفة الباهظة لمعضلة الإدمان على الفرد والمجتمع. لتبقى المسؤولية في تفشي ظاهرة الادمان على التدخين والمخدرات لا يمكن حصرها في طرف بعينه دون الآخر، وإنما هي مسؤولية يتقاسمها الجميع،مما يطرح تحديات كبرى لابد من انخراط الجميع في جهود التصدي لها" يضيف الكرومبي.مضيفا بأنه، وبالرجوع الى ظاهرة الانتشار السريع لمعضلة تعاطي التدخين والمخدرات وسط المراهقين في الآونة الأخيرة، فإننا وانطلاقا من تجربتنا الميدانية ومراكمتنا للخبرة اللازمة في مجال مكافحة الإدمان على المخدرات ومواكبة ضحاياه، فإننا نؤكد على ان واقع الحال  يشهد مع كامل الأسف على هذه الحقيقة يعزز صدقيتها الى أبعد الحدود.

 

فالشهادات التي نستقيها من الاطر التربوية والتعليمية اثناء قيامنا بالحملات التحسيسية والتوعوية إضافة الى المعلومات التي يمدنا بها الأشخاص الذين نستقبلهم داخل فضاء القطب الاجتماعي بمركز طب الادمان بمكناس ،تشير بما لا يدع مجالا للشك أن وثيرة دخول المراهقين إلى نادي المدمنين تعرف تسارعا مستمرا ومضطردا لا يحتاج منا الاستناد إلى أية إحصائيات تثبت ذلك، وعند بحثنا في الأسباب التي تقف وراء هذه الوضعية اتضح لنا بعد الاستقصاء والتحليل من قبل أطر الجمعية أن السبب الرئيسي يكمن أساسا في السياسة التسويقية للوبي صناعة التبغ الذي طرح في سوق المواد التبغية منتوجا جديدا بمواصفات تتجاوز سلبيات السيجارة الكلاسيكية ألا وهو السيجارة الالكترونية. هذا المنتوج صمم لاستهداف الأطفال والمراهقين من الجنسين على حد سواء بحيث تتحقق فيه الجاذبية بناء على الشكل واللون والنكهات المتنوعة ويوفر للمستهلك فرصة التستر والإفلات من أية مراقبة من خلال عدم اللجوء المتكرر على نقاط البيع كما هو الحال بالنسبة للسيجارة الكلاسيكية" على حد تعبير المتحدث.

 

وأكد الكرومني قوله"أن السيجارة توجد على لائحة المخدرات حسب تصنيف المنظمة العالمية للصحة وهي تعد الباب الأوسع لولوج نادي المخدرات وبالتالي عالم الإجرام. ومن خلال هذا المنتوج تحديدا تمكن لوبي صناعة التبغ من توسيع قاعدة زبنائه لتشمل الأطفال من تلاميذ الصف الابتدائي من الذكور والإناث. وهكذا يحجز هؤلاء الضحايا الصغار مقعدهم مبكرا في قسم المدمنين ولاحقا المنحرفين. وعليه فإننا وعبر منبركم الموقر تطلق جمعيتنا صرخة مدوية حول حاضر مرير ومستقبل مجهول لفئة عريضة من المجتمع لا يمكن التعويل عليها لبناء مشروع مجتمعي كما حلم به الاباء والأمهات وصناع القرار في هذا البلد الأمين ،خاصة بعدما صارت مدارسنا تعج بالحوادث المؤلمة نتيجة تعاطي فلذات أكبادنا في عمر الزهور للتدخين والمخدرات في غياب سياسة واضحة للحد من تداعيات هذه الآفة، إن على المستوى الصحي، أو الاجتماعي، أو البيئي.

 

وكشف آخر تقرير صادر عن جمعيتنا، أن ظاهرة تدخين التلاميذ، ذكورا وإناثا، في ارتفاع مهول،وأن الإحصائيات التي كشفت عنها تبين أن 13،9 في المائة ممن لا تفوق أعمارهم 15 سنة يدخنون و34،5 في المائة ممن لا تفوق أعمارهم 18 سنة، و36،9 بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34 سنة".هذه الإحصائيات المخيفة تختلف نسبها باختلاف السن والجنس، بحيث لا يمكن حصرها في نسبة معينة داخل أجل معين أو لنوع أو اسم معين، لأن المنخرطين الجدد في الجمعية المغربية لمحاربة التدخين في تزايد مستمر، وعلى ضوء التجربة الميدانية للجمعية، من المؤكد أن المدخنين القاصرين في تصاعد خطير".مضيفا  "أن التجارب الميدانية التي راكمتها الجمعية، مكنتنا من التأكد من الحقيقة المرة وهي أن القاصرين والمراهقين من الجنسين ، مع كامل الأسف الشديد، هم الشريحة الأكثر تعاطيا للتدخين، لأن منطق الربح يفرض نفسه، ومن ثمة فإن لوبي الاتجار في السجائر يهمه جدا أن يزيد من زبنائه طولا وعرضا، ذكورا كانوا أم إناثا، بدافع توسيع دائرة الزبناء ، خاصة منهم الأحداث، تحقيقا لأطول مدة ممكنة من التدخين لدى القاصرين، وضمانا لاستمرار وتزايد المداخيل على حساب جيوب أولياء أمرهم على حد تعبير المتحدث.

 

ويرى الكرومبي، "أن تخوف الآباء من وقوع أبنائهم في الإدمان في تعاظم مستمر وله ما يبرره، فالسقوط في مخالبه يعني توقف مسيرة مستقبل الطفل وهو يعني أيضا تخبط وتمزق للأسرة في مسلسل متعب ومن دون نهاية، لذلك نحاول كفاعلين جمعويين توجيه الأبوين فيما يخص التعامل مع المدمن وتقديم التصور العلاجي، وهذا غالبا ما يتم في حالات انفرادية، أما في الإطار الخاص بحملات التوعية فإننا نقوم بذلك بمناسبة الأبواب المفتوحة و نتطلع إلى عقد شراكات مع جمعيات الآباء و أولياء التلاميذ على سبيل المثال لتوسيع دائرة استفادة أولياء الأمور من خدماتنا".

 

وللإشارة ،فإن الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات رأت النور سنة 2009 بمكناس. من أهدافها، جعل من آفة التدخين والمخدرات هم يشغل الجميع، مع وضع سلوك مدمن التدخين والمخدرات تحت دائرة الضوء، من خلال تنظيم حملات تحسيسية داخل المؤسسات التعليمية عبر التراب الوطني في إطار مقاربتها الوقائية للآفة، إلى جانب تبنيها لمقاربة علاجية وأخرى قانونية.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : الصباح/حميد بن التهامي(مكناس)
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-07-07 15:44:00

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك