آخر الأحداث والمستجدات
باب منصور يوحد الطوائف العيساوية بمكناس في ليلة ربانية بساحة الهديم

ليلة الافتتاح الرسمي لمهرجان مكناس (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية)، حج جمهور غفير من حاضرة مكناس وغيرها للاستمتاع بالهوية الشفهية والبصرية (العيساوية) التي طبعت ملمح المدينة عبر تاريخ أجيال امتدت من الماضي نحو الحاضر باتجاه مستقبل لتأصيل التراث الموسيقي العيساوي (الإعلان عن تأسيس "أكاديمية التراث العيساوي"، كمؤسسة مدنية علمية فنية لتطوير التراث العيساوي وتدوينه...). حقيقة مطلقة فقد باتت الموسيقى (العيساوية) لصيقة كل الالتصاق بمكناس المدينة، وببروز شيوخ الطريقة العيساوية بالتجديد والتوارث ( الشيخ يورث الطريقة للمقدمين الجدد، بالإجازة...).
من حسن الرؤية والتنظيم احترام وقت الافتتاح والبداية، حيث كانت ساحة الهديم تضم ما يقارب أكثر من (15 ألف متفرج ومتفرج). ومن جمالية التفكير تلك الخرجة (العالمية) للطوائف الوطنية المشتركة ( الطائفة العيساوية لدار المحزن "تواركة"/ الطائفة العيساوية الركب الفيلالي الأصيل/ الطائفة العيساوية إخوان عيساوة / الطائفة العيساوية للفنون الشعبية)، حيث فُتح باب الكبير لمعلمة باب منصور الفريدة، والذي أضفى على السهرة العيساوية أُبهة المعلمة، وقسطا من التزكية الصوفية والتاريخية للموروث الثقافي بالمدينة.
الأهم أن المدينة أصبحت ترسم مُتسعا من التفكير العقلاني و(البراغماتي) في تمرير مهرجان سنوي كبير يكون فيه التجديد سيدا، وتوزع فيه القيم الاجتماعية إحياء، والهويات المشتركة إفادة، وبناء رمزية للفن النظيف بالمدينة، والتأصيل له علميا بالتوثيق والتطوير، ولما لا استغلال إحداث رؤية للتحديث، واعتبار قطبي الثقافة والفن رافعة لتحرير الطاقة التنموية بالمدينة. حقيقة طيعة، فقد أعيد لساحة الهديم أدوارها التاريخية، تم إخراجها من (روتين) احتلال الفراشة وكراسي المقاهي لها، وفوضى التنشيط غير المنظم بالتوجيه والتأطير !!!
من بين الملاحظة والتي تتطلب التجويد والإخراج المتمرس، غياب الإضاءة الاحتفالية (الألوان) عبر جوانب ساحة الهديم الكلية. وكذا غياب الإخراج البهي بتنويع (كاميرات/ العدد) عند لحظات بت (الخرجة) الرسمية للطائفة الوطنية المشتركة من باب منصور، حيث الرؤية قد تغيب بالجودة عند آخر مشاهد في نهاية موقع الساحة.
قد نحتفي مثل الجميع بمورو ثنا الشعبي، ونصفق بصدق على هذا التوجه والأداء بالمدينة، ولكنا قد نقترح بدائل أخرى بسيطة وسديدة تخدم آليات تجويد مخارج المهرجان العيساوي، ففي منصة العرض، غير ما مرة لم تكن الأضواء توازي الأداء والحركة الغنائية (مثلا لحظة البداية عند التسليم الرمزي لمشعل (تاعيساويت) بين الأجيال ،غابت الموسيقى العيساوية الخافتة المصاحبة للحدث، وغابت كذلك المؤثرات الصوتية والرمزية لشد انتباه المتفرج وفهم ما يجري على رُكح منصة العرض)، وحتى المشاهد التي تم تقديمها في فلم العرض الوثائقي (حكاية أمة) فقد غاب عنها ملمح مكناس ما بعد الترميم والتثمين، وهذا بالأصل ما نطمح إلى تسويقه واستغلاله في السياحة والتنمية والمشاريع الكبرى. ومن رأيي المتواضع فقد كانت الحمولة لذاك الفلم الوثائقي أن تحمل صورة مكناس من الحاضر نحو الماضي، توسعة نحو (مكناس حكاية أمة).
نعم، لم تكن الأضواء (الإنارة) تتنوع وتتوزع بالشكل الذي يُضفي رونقا من جمالية (الفانتازيا) التي تشد الناظر للمشاهد الغنائية المتنوعة والأداء الفني. ففي غير ما مرة كان الصوت المصاحب (لجوق الإسماعيلية) يُحدث تقطعا ودويا خافتا غير منتظر، لذا لا بد من الانتباه إلى تلك الجزئيات، والتي لا يخلو أي مهرجان منها.
لنعد بالشكل الفني والترتيبي لمقاعد ضيوف المهرجان، وكذا الوفد الرسمي للافتتاح الرسمي لمهرجان مكناس (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية) ، حيث تم تسطيرها بشكل (أفقي/ خط مستقيم طويل الامتداد) فاق منصة الدولية للعرض ، في حين كان يجب أن تكون كراسي ضيوف المهرجان، ومسؤولي الافتتاح الرسمي تنتظم بشكل نصف الدائرة (قصيرة)، والتي توزع الرؤية المستريحة على المنصة بالشمولية والدقة، ويخلق كذلك هذا الترتيب ترابية متموجة بالساحة تصنع الحدث بالجمهور.
هي ملاحظات شكلية وبسيطة بذاتها، مادامت البداية (الثانية) قد خلقت الحدث العيساوي الوطني، وجعلت الحياة (إعادة التوظيف بعد عمليات التثمين) تعود لساحة الهديم التاريخية، والتي احتفلت أولا بالإنسان والأرض والتاريخ والمدينة والفن والتراث (المادي واللامادي)، وباتت لحظتها في أناقة، وأبهة من التراث العمراني الوطني/ العالمي.
الكاتب : | متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2025-07-24 12:33:45 |