مدينة مكناس تحتضن الاجتماع الرابع للجنة التنسيق الجهوية لبرنامج إحياء بجهة فاس مكناس

ويأتي هذا الاجتماع في سياق ترسيخ الحكامة الترابية للبرنامج، باعتباره فضاءً للحوار الاستراتيجي بين مختلف الفاعلين في مجال التنمية الفلاحية والقروية المستدامة، ما يعزز تقارب الجهود، وتقييم المنجزات ميدانيًا، وتوحيد الأولويات الجهوية مع التوجهات الوطنية لاستراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، التي يُعد البرنامج إحدى ركائزها التنفيذية.

وقد عرف عام 2025 تعزيزًا ملموسًا لحضور برنامج "إحياء" بجهة فاس-مكناس، من خلال سلسلة من التدخلات المندمجة والمهيكلة، بغلاف مالي تجاوز 37,13 مليون درهم. وارتكزت هذه التدخلات على محاور استراتيجية أبرزها تأهيل البنية التحتية للتكوين المهني الفلاحي، من خلال تجهيز المؤسسات بمرافق رياضية حديثة تدعم الاندماج الاجتماعي للشباب القروي وتوفر بيئة تعليمية محفزة تراعي التكوين الجسدي والمعرفي.

كما استفادت عدد من التنظيمات المهنية الفلاحية من دعم بنيوي مكّنها من تعزيز قدراتها في الإنتاج والتثمين والتسويق، عبر تزويدها بالخلايا النحلية وتجهيزات التحويل والتلفيف، مع مواكبتها في الالتزام بالمعايير الصحية والبيئية، بما يدعم تنافسية منتجاتها.

وفي مواجهة التغيرات المناخية، تم إدماج حلول مبتكرة كآلات البذر المباشر ووحدات زراعة الشعير المائي، مما ساهم في رفع فعالية الموارد المتاحة وتعزيز استدامة الأنظمة الإنتاجية، خاصة بالمناطق الهشة.

وفي إطار مقاربته المجالية، أطلق البرنامج دينامية تنموية لتحديث سلاسل التسويق المحلي، عبر إعداد دراسات معمارية وتقنية لإعادة تأهيل الأسواق القروية في إيموزار مرموشة، آزرو وأغروى، وتهيئة المجازر الجماعية بكل من غفساي وآزرو، وفق معايير الصحة والسلامة.

ويستعد البرنامج، في أفق 2026، للانتقال إلى مرحلة نوعية جديدة من خلال برمجة طموحة تُقدَّر بـ76 مليون درهم، تشمل إعادة تأهيل مؤسسات التكوين في ساحل بوتهار وعين تاوجطات، وتوسيع زراعة الشعير المائي، وإحداث وتحديث وحدات تثمين المنتجات المجالية كالزيت والعسل والجبن والنباتات الطبية والعطرية، إضافة إلى دعم التحول نحو الفلاحة الإيكولوجية، وتعزيز حكامة التنظيمات المهنية، وتشبيك التعاونيات وتنشيط سلاسل القيمة المحلية.

وفي كلمة له، قال السيد كمال هدان، المدير الجهوي للفلاحة بجهة فاس مكناس: "يساهم برنامج إحياء في إرساء دينامية ترابية جديدة قائمة على خلق الفرص الاقتصادية، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتعبئة الشباب حول مشاريع ملموسة. وبفضل تعزيز التنسيق بين الشركاء المحليين، نساهم في بناء فلاحة أكثر كفاءة وشمولاً واستشرافاً للمستقبل."

بدورها، أكدت السيدة كويتيري بينسان، مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية بالرباط: "إن التعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية ووزارة الفلاحة في إطار برنامج احياء يُجسّد التزامنا المشترك بالتنمية الفلاحية المتكاملة والمرنة. وتُظهر النتائج المُلاحظة في فاس-مكناس أهمية هذه المقاربة المجالية."

أما السيدة ليز باتيه، رئيسة قسم التنمية الإقليمية والاجتماعية في بعثة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، فأوضحت: "يُعدّ برنامج احياء أداةً فعّالة لتحقيق تحوّل إقليمي إيجابي. فهو يُلبّي بشكل ملموس احتياجات الشباب والتعاونيات والجهات المعنية المحلية لتعزيز الزراعة المستدامة والتنافسية والشاملة."

يذكر أن برنامج "إحياء"، كأحد مكونات استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، يهدف إلى إنعاش المناطق القروية من خلال خلق فرص الشغل، وتحفيز ريادة الأعمال، وتشجيع الزراعة البيئية والابتكار، لإرساء جيل جديد من المبادرات القروية المستدامة، بجهة فاس-مكناس كما في باقي جهات المملكة.