آخر الأحداث والمستجدات
محسن الأكرمين يكتب:إعدام أشجار جنان بنحليمة بين قفا نبك وبين رؤية التغيير وتجديد البنية التحتية !!!
سألني أحد من متابعي كتاباتي : لماذا تنعت مكناس بمدينة المتناقضات ؟ كان من الصعب العمل على إقناعه بلغة المنطق والحال، وتلك التصورات التي قد تفوق قدرة الفهم الإجرائي بالبيان والتبيين من الفكر السياسي (الراكد) بمدينة مكناس. لم أكن لأخفي عليه أن إشكاليات التسميات لها مرجعيات كثير، ولها حتى الدلالة في الأداء والأثر ، وفي لغة التمكين والتنمية.
كثيرة ومستندات تتنوع من حيث الموضوع والاستهداف، اليوم آثرت أن ألقي به ضمن وضعية إشكالية حقة، حتى ولو بقلة من التعليمات الموجهة بالسؤال، فقلت له : ما رأيك في توسعة طريق جنان بنحليمة ؟ استحسن الطرح، وأراد أن يُقحمني عنوة في (المتناقضات الكلية !!!) ثم أطلق لسانه للجواب، وبلا معيقات في التفكير، و لا في تأطير حتى للموضوع فقال: خير ما فعلته الجماعة، والتخطيط الاستراتيجي لسياسة المدينة، لأن الطريق تستقبل وفودا كثيرة أيام الملتقى الفلاحي الدولي بالمغرب، وكانت تعتبر من بين المقاطع السوداء التي تشكل عوائق متنوعة في سيولة قدوم وخروج الوفود الرسمية لمنصات الملتقى الفلاحي، وحضور الندوات والمحاضرات العلمية، وختم قوله: (خير ما فعلت الدولة والجماعة !!!).
حقيقة قصدية، كنت أرى أنه يسير وفق رؤية دراسة الجدوى المعمقة، ومع أني كنت أشير له براسي وبحركة عمودية أني حتما أوافقه الرأي والجواب، فقد زاد من تحمسه. بعدها كان سؤالي بشكل مفصلي، وينزوي نحو رؤية تغيير ملامح الشارع من حيث قطع الأشجار المحيطة به (تعرية الشارع المؤقت)، وما رأيك عن تلك الكارثة الطبيعية، حين تم إعدام مجموعة من الأشجار (الكاليبتوس) بالمرة؟ هنا تغيرت ملامح وجهه وزاد صوته بحة (الدفاع عن الجمود)، وأعجبه مصطلح (إعدام الوسط البيئي لشارع جنان بنحليمة، وكأن الغراسة قد توقفت بهذه المدينة !!!) وقال: نعم، هي جريمة بيئية، تشهد على عشوائية تدبير المدينة في التعامل مع الوسط البيئي والحضاري بمكناس (ما هذا يا هذا !)!!! فقد كان عليهم التفكير وبلغة الأمثال ( ألف تَخْمِيمَة وتَخْميمة ولا إعدام الأشجار (التاريخية !!!)، إنها جزء من تراث المدينة القديم !!! علينا تثمينه وحمايته !!! ابتسمتُ بخفة النفس غير الظاهرة، فحتى الأشجار باتت من تراث تاريخ المدينة القديم، ويجب علينا تثمينها وتحنيطها !!! مثل ما كانت يقال عن سينما الملكي!!! فأين سيكون موضع التغيير والتجديد يا صديقي والمدينة الذكية ؟
ابتسمت في وجهه صراحة، وكأني ألقي عليه سؤال تعجب آخر مستدرك : في رأيك كيف سيتم توسيع هذا المقطع الطرقي دون المساس بهذا الغطاء الشجري الملتصق بالرصيف وقارعة الطريق؟ تراجع للخلف بعدما كان يقتحمني بالقرب والإشارة والصوت الجوهري، وقلت له : هذا هو نموذج حي من مدينة المتناقضات، و(الهضاضرية) الكبار بمكناس، وكما يقال : "كم من حاجة قضيناها بتركها" عندها تركنا التنمية بمكناس لكي يستريح مقاومي التغيير !!! وهي لعبة جحا وأهل القرية (الفَايْقِينْ بَزافْ)، فعندما اشتد اللوم على جحا وأسرته من وضعيات ركوبه على حماره، حمله على ظهره، وترك ابنه وزوجته يسيرون !!! ورغم هذا، لم يسلم جحا من التنكيت والقيل والقال في قرية (احضيني نحضيك... وشد الحيط !!!).
نعم، مكناس وما تحمله من معنى مدينة المتناقضات بامتياز الدلالة اللفظية خير توصيف للتحجر والجدال العقيم بلا مسوغات بريئة!!! نعم، مكناس تكره التغيير، وترفض التجديد، ولا تقبل على المطالب العادلة (ما هذا البؤس ؟) !!!
مكناس، لا تصنع التفرد، ولا التغيير، والقطع مع الماضي، وإنما تكرس منطق (خليه كما كان !!!)، وفي الغد يسألون باستغراب: ما دَارُو وَالُو لهاذ مكناس؟. كَايَنْ زُوجْ حَوَايَجْ و بالدارجة الفصحى: اُشْنُو نحن باغيين في هَاذْ المدينة العزيزة ؟ وَاشْ بَاغْيِينْ يبقَى الوضع كما هو عليه (رَاه آعْيِينا من دوام الركود التنموي، وكل المدن تتحرك وتجدد: نموذج (الرباط والدار البيضاء...)، واش باغيين التغيير للأفضل؟ خَصْ المدينة تنفض كل إكراهاتها العالقة، وتقوم بتجديد بنيتها التحتية، وحتى عقليَاتها المتمركزة من تاريخ العصور الوسطى !!! واشْ باغيين مدينة ذكية؟ خَصّْ المدينة تفكر في المستقبل قبل استحضار ذاك الماضي الذهبي في القدم !!! واش باغيين اللبن الحقيقي ولا باغيين هي الخدمة في (زعطوط) الذي أفسد اللبن بالتدليس، والماء بالتلويث، وضياع عوائد مال اللبن الفاسد؟!!!
كثيرة هي المشاريع التي تعطلت بالتأخير من كثرة وفرة منتوج الخبرة و (إعلام الشارع)، والتمسح على شاشة هاتف ذكي بالتصوير والتقاسم... وبدون إبداء حتى الرأي الفردي غير استجداء (لايكات) المتابعة !!! هذه العملية حتى هي من جيوش التهييج (والمقاومة في خندق زحف الرمال المميتة على التنمية بالمدينة)، وتحطيم متغيرات رؤية التمكين بالمدينة في الحاضر والمستقبل.
لا علينا قبل أنهي كلامي، كان صاحبي قد تركني ودون أن يواعدني بلقاء آخر كما كان يفعل !!! انصرف وهو يفكك متناقضات أجوبته، وكيف رسب في تعليمات بسيطة تجمع بين إستراتيجية التجديد والتغيير، وسقط في بيان المتناقضات والإبقاء على الوضع كما كان، وفسح حديث (هَاذي مدينة هاَذِي !!!) أسيدي المدن وصلات (لترامواي) !!! يضحك متهكما، وهو يقول: وما بقى لمكناس هي (الترامواي) !!! إيه ذا ... هذا بَاغِي تبقى هي الكريسة !!! هي لغة من نهاية فهم جحا السديد حين حمل حماره، وهاجر بلا عودة.
| الكاتب : | محسن الأكرمين |
| المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
| التاريخ : | 2025-11-25 21:14:00 |













