آخر الأحداث والمستجدات
مكناس تحتفي بالنسخة الثانية عشرة لليوم الدولي للمهاجر: نقاش علمي معمق وتكريم لرموز الفعل الحقوقي وإصدار “نداء مكناس”
احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، يوم الإثنين 15 دجنبر 2025، فعاليات النسخة الثانية عشرة لندوة إحياء اليوم الدولي للمهاجر، التي نُظمت بشراكة بين الجامعة الشعبية المغربية (UPM)، والحلقة الثقافية لطلبة الدكتوراه وتكوين سلك الدكتوراه (STEP)، وماستر تاريخ حركات الهجرة في البحر الأبيض المتوسط.
وشهدت الندوة حضورًا وازنًا تجاوز 120 مشاركة ومشاركًا، من طلبة وباحثين وأساتذة جامعيين وفاعلين حقوقيين وإعلاميين وممثلي المجتمع المدني، قدموا من مختلف الجامعات والمناطق المغربية، ما جعل منها فضاءً علميًا مفتوحًا للحوار وتبادل الخبرات حول ديناميكيات الهجرة المغربية نحو إسبانيا، وتحدياتها ومساراتها وآفاقها المستقبلية.
وفي كلمته الافتتاحية، رحّب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمشاركين، مؤكدًا التزام المؤسسة الجامعية بدورها الأكاديمي والمجتمعي في مواكبة القضايا الراهنة. وأبرز أن الندوة تروم تعميق النقاش العلمي حول عوامل الهجرة، وإشكالات الاندماج، وسياسات التدبير، مع إيلاء اهتمام خاص بالأجيال الجديدة وما تطرحه من أسئلة الهوية والمواطنة. كما شدد على أهمية الحوار الأكاديمي والتعاون بين الجامعة والمؤسسات والمجتمع المدني لترسيخ قيم التعايش والحوار بين الثقافات، وتعزيز الهجرة كجسر للتعاون بين المغرب وإسبانيا.
من جهته، أكد الدكتور المصطفى المريزق، منسق الندوة وأستاذ سوسيولوجيا الهجرات الدولية ورئيس الجامعة الشعبية المغربية، أن تنظيم هذه الدورة يندرج ضمن تخليد اليوم الدولي للمهاجر الذي يصادف 18 دجنبر من كل سنة، وهو اليوم الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2000 بهدف إبراز أهمية حماية حقوق المهاجرين والاعتراف بإسهاماتهم في تنمية المجتمعات. كما أشار إلى تزامن هذا التخليد مع ذكرى اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم سنة 1990، باعتبارها مرجعية قانونية وحقوقية أساسية.
وسلط الدكتور المريزق الضوء على ريادة التجربة المغربية في تدبير قضايا الهجرة عبر الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، وما أفرزته من مبادرات إدماجية ملموسة، متوقفًا عند موضوع الدورة المتعلق بالهجرة المغربية نحو إسبانيا باعتبارها ظاهرة اجتماعية متحولة ذات رهانات اقتصادية وثقافية وإنسانية مشتركة. كما أبرز الدور الاستراتيجي لمغاربة العالم في التنمية الوطنية، ومستوى التعاون المغربي–الإسباني وتطوره، مؤكدًا دور الجامعة في تعميق النقاش العلمي وبناء مستقبل مشترك قائم على الشراكة والتنمية المتبادلة.
وتوّجت أشغال هذه النسخة بتكريم خاص للأستاذ عبد الحميد البجوقي، الفاعل المدني والحقوقي والإعلامي والروائي، تقديرًا لمسيرته وإسهاماته البارزة في الدفاع عن قضايا الهجرة وحقوق الإنسان، حيث مُنح “جائزة نور الدين هرامي للبحث والدراسات في ميدان الهجرة” في نسختها الرابعة.
وعرفت الندوة تقديم مداخلات علمية نوعية، تناولت تاريخ ومسارات الهجرة المغربية نحو إسبانيا من زوايا متعددة. فقد توقف الأستاذ ميمون أزيزا عند تشكّل هذه الهجرة في بداياتها وتحولات السياسات العمومية الإسبانية، مبرزًا محدودية التوثيق المؤسساتي في العقود الأولى. فيما تناول الأستاذ محمد الخشاني الظاهرة من منظور اقتصادي وسياسي، مسلطًا الضوء على تعقيدات الهجرة غير النظامية ودورها في سوق الشغل الإسباني. أما الأستاذ سعيد مشاك، فركّز على التحولات السياسية والتشريعية بإسبانيا منذ انضمامها إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية، وديناميكيات التعاون الأورو–متوسطي في تدبير الهجرة. وقدم الكاتب والحقوقي حميد البجوقي شهادة حية انطلاقًا من تجربته بإسبانيا، متطرقًا إلى تطور القوانين المنظمة للهجرة واستمرار بعض الصور النمطية في المخيال السياسي والإعلامي.
وفي ختام الأشغال، تم إصدار “نداء مكناس”، الذي دعا إلى تعزيز التعاون المغربي–الإسباني في تدبير الهجرة بمنطق تشاركي قائم على احترام الحقوق، ودعم إدماج المهاجرين ومحاربة التمييز، وتثمين مساهماتهم الاقتصادية والثقافية، ومواكبة الأجيال الجديدة، وتعزيز البحث العلمي والشراكات الأكاديمية، واعتبار الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وبناء مستقبل قائم على الاحترام المتبادل.
واختُتمت الفعاليات بالتأكيد على أن “نداء مكناس” يشكل محطة جديدة لترسيخ تقليد أكاديمي وإنساني راكمته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، بشراكة مع الجامعة الشعبية المغربية، على مدى اثنتي عشرة سنة، وجسرًا نحو شراكة استراتيجية أقوى بين المغرب وإسبانيا، قائمة على التضامن الإنساني وصون الحقوق وبناء فضاء متوسطي مشترك.
| الكاتب : | ذ. المصطفى المريزق |
| المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
| التاريخ : | 2025-12-20 13:41:17 |
















