مكناس… تراث عالمي يحتضر

في غفلة من المنتخبين تحولت مشاريع الحدائق إلى مطارح للنفايات، والمنشآت الرياضية والمرافق الاجتماعية أضحت على أرض الواقع مأوى للمشردين و المختلين عقليا. أما الشوارع، وعوض توسيعها لمواجهة الاختناق المروري، خاصة خلال أوقات الذروة، فقد اعتبرها عباقرة المجلس البلدي عن شوارع ضيقة رغم أنها محاور رئيسية تربط أهم النقط بالمدينة الجديدة (حمرية) ، مما ساهم بشكل كبير في عرقلة حركة السير وانعكس سلبيا على المدة الفاصلة بين الموظفين ومقرات عملهم.

اجتاح الباعة الجائلون الحاضرة الإسماعيلية وأحكموا سيطرتهم على شوارعها و أزقتها وساحاتها، في فوضى لم تشهدها المدينة من قبل، فوصفها مواطنون غاضبون ب”السيبة”، إذ تخلت جميع المصالح المعنية، من سلطات محلية وهيآت منتخبة عن مهامها، وتركت فضاءاتها بيد المتعاطين لجميع أنواع الأنشطة التجارية العادية أو الموسمية، مثل”الفراشة”، و أصحاب العربات المجرورة الذين سطوا على الأرصفة، واحتلوا وسط الطرقات والساحات، ووزعوا الأدوار بينهم، ونشروا أمتعتهم وعرضوا بضائعهم وسلعهم وتشاجروا مع التجار أصحاب الدكاكين، من أجل الحفاظ على تلك المواقع التي ملكوها بالقوة. بل منهم من أصبح يتاجر في كراء الأمكنة والأرصفة والساحات العمومية،فأغلقت أزقة وشوارع المدينة، ومنعت على السيارات والراجلين، واستحال ولوج سيارات الأمن و سيارات الوقاية المدنية أو الإسعاف.

وفي غياب القانون المنظم لهذه الظاهرة المقلقة، تراجع الأمن و تناسلت الأسواق اليومية وسط الأحياء السكنية، فزحفت العربات المجرورة والمدفوعة أمام أبواب المساجد وداخل الأزقة عند عتبات المنازل، وتنافس التجار على حيازة الأرصفة لعرض سلعهم.

وضعية متردية ساهمت في كثرة الجرائم، وأدت إلى مشاجرات تستعمل فيها جميع الأسلحة المتاحة من أحجار وسكاكين وسيوف وغيرها، ناهيك عن تفشي السرقات بالخطف وتحت التهديد بالسلاح الأبيض.

ولا يخفي سكان المدينة العتيقة غضبهم، نتيجة الارتجال والحلول الترقيعية غير المجدية التي اعتمدتها السلطات المحلية و المجالس المنتخبة.

حميد بن التهامي/الصباح