آخر الأحداث والمستجدات 

ذكرى معركة وادي بوفكران بأية حال عدت يا ذكرى شهداء

ذكرى معركة وادي بوفكران بأية حال عدت يا ذكرى شهداء

لم تكن معركة وادي بوفكران إلا رمزا من رموز المقاومة والتحدي ضد الحماية الفرنسية بمدينة مكناس. معركة كما تعرف بمدينة مكناس (معركة الما لحلو). هي الذاكرة التي تشتغل منذ (85 سنة) على إحياء صلابة ناس مكناس في مقاومة قرارات المستعمر، والذي أصدر مرسوما وزاريا بتاريخ 12نونبر 1936 بموجبه يتم الاستحواذ على (2/3) من مياه الوادي لصالح (فيرمات) ضيعات المعمرين.

لم يرض المكناسيون لهذا القرار الذي حرمهم من مياه واد ألفوا استعمالها في الري والحمامات التقليدية و دور الوضوء بالمساجد، عبر منصة باب الناعورة وبرج (الما)، وفيض صهريج السواني. في شتنبر 1937، تحركت معاول الهدم لكل القنوات ( سلوقية النصارى)، تحرك الجهاد البطولي ضد كل القرارات الجائرة، والتي حولت مياه الوادي وصادرت الأراضي الخصبة، وصنعت ملكيات كبرى بقرار التسييج.

 

هي الذاكرة بمكناس غير البعيدة، والتي لم تتجاوز القرن من الزمن. هي رمزية وادي بوفكران (الما لحلو) والذي حرك السخط ضد المستعمر المستبد، ووحد صفوف الوطنيين بشمول المدينة العتيقة والأحواز. بين مشاهد الأمس وحاضر اليوم ضيعت مكناس مياه وادي بوفكران، وهي نفس الاستغلاليات التي حركت الكفاح (الماضي 85 سنة) على استدامة دوام مورد الماء باتجاه مكناس. استغلاليات اليوم كبرى بفارق بَيْنَ زمن المستعمر(الماضي) وزمن الإقطاعيين الجدد. استغلالية استنزفت مياه الوادي من المنبع عبر أثقاب استهدفت عيون الوادي الجوفية والأساسية، استهدفت مص مياه الوادي على طول مسار جريانه، حتى جف وبات لا يبلغ سيله مشارف جماعة مجاط.

 

مكناس ألفت الاحتفاء بالماضي، و تضيبع الحاضر حين (نشف) وادي بوفكران، وبات مجراه مترعا للقمامة، ومنفذا لقنوات معامل معاصر الزيتون التي تلقي فيه (المرجان) وبقايا (الفيتور). وحتى برك المياه العادمة  باتت تسكنه !! لتكن وقفتنا مع التاريخ وتخليد ذكرى شهداء أوفياء للوطن والمدينة، وقفة تأمل وإعادة النظر في سياسة مدينة تُنْهك فرشتها المائية عنوة، خاصة ونحن في موسم جفاف ووصلت المدينة منبه العلامة الحمراء.

 

لنترك مجد التاريخ جانبا، ونترحم على أرواح الشهداء تلاوة ودعاء، لنقتحم سؤال الحاضر ونقول: ماذا حدث لمدينة مكناس وهي تضيع حاضرها؟ هل كان ماضي المدينة أبهى وأرقي؟ لما لا نحتفي بمعركة وادي بوفكران، ونعيد (الماء لحلو) لمجراه الطبيعي؟ لما لا نحتفي بإعادة فيض الوادي نحو صهريج السواني؟ لما نُحصن المدينة بقناة لحمايتها من فيضان الوادي، وبوفكران بات نسيا منسيا من الماء؟ إنه بحق ضياع المال العام بتخطيط لا يوازي الحفاظ على منبع الوادي صافيا !!

 

غير ما مرة نبه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى الحفاظ على الموروث التاريخي للمدينة بركائزه البهية، ولم يكن برنامج تثمين المدينة العتيقة الملكي إلا تعبيرا سياديا للحفاظ على تجانس المورد البيئي للمدينة، والأثر العمراني المادي واللامادي، فنعم القرارات المولوية الصادقة. غير ما مرة حرك السلطات الترابية بمكناس حملات ميدانية، وأوقفت استغلال مياه الوادي الفوضوية على طول مسار جريان الوادي.نعم، مكناس تعيش كباقي الوطن موسم الجفاف، تعيش دوام وتتبع قرارات اللجنة المائية بالمدينة  تحت إشراف السيد العامل، تعيش تدبير وضعية أزمة مائية حتى لا يحدث الانقطاع المائي في صنابير الشرب والاستهلاك.

 

حفاظا على الذاكرة بمكناس، حفاظا على أنفة أرواح الشهداء الأوفياء للمدينة والوطن، لا بد من عودة ماء بوفكران إلى مجراها الطبيعي، لا بد من قرارات فورية وزجرية ضد الإقطاعيين الجدد (11هكتار من البصل) وسقي الاستنزاف مع استعمال غاز (البوطة) المدعمة اجتماعيا !! هي الأيادي المخربة والاستغلالية بلا هوادة للفرشة المائية  بمكناس والوادي!! ومن غياب تفكير الاستشراف، فبعد أن تقوم المدينة بترميم وتأهيل صهريج السواني نسقط في خبر سؤال إعادة التوظيف: من أين نأتي له بمورد الماء المستديم؟. حقيقة مكناس تلزمها رجة قانونية تحمل المساءلة والمحاسبة والحكامة، وعودة (الما لحلو) إلى مجراه الطبيعي، وهو خير احتفال بالذكرى (85) لمعركة وادي بوفكران.

 

(صور نور الدين العيشوري)

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2022-09-02 23:07:33

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك