آخر الأحداث والمستجدات 

أي أثر بالتبعية تريد مكناس من إعادة تأهيل التراث العمراني للمدينة العتيقة ؟

أي أثر بالتبعية تريد مكناس من إعادة تأهيل التراث العمراني للمدينة العتيقة ؟

لن أعتلي منصة الإفتاء والرشد في ذكر مجموعة من الشكليات والمتممات التي قد تلحق المشهد التراثي العمراني بمدينة مكناس بالتغيير والتصويب، وحتى التجديد. لن أبيح لنفسي الدخول في شكليات وصفية (حكم قيمة) تروم نحو صناعة ثقوب مضافة بالرفض من عمليات إحياء السمات الثقافية، وكذا التراث الحضاري للمدينة. فقد نُكثر من الملاحظات ومن التوصيفات، ومن خبرات الصورة المقارنة، وندخل مكناس في مشروع نادي (المدن البطيئة) عالميا، ونُفْقِدُهَا قيمة التنمية الحضارية وتثمين الماضي.

فرغم أن مشروع تثمين المدينة العتيقة بمكناس يسير ببطء الإنجاز والتصويب والضبط، فإن المدينة باتت في ملمح (جديد) أنيق من أثر التأهيل الذي تمت نهاية الأشغال به. باتت المدينة تبحث عن أفق خلق التقائية بين تحسين جودة حياة المواطنين وبين إعادة حماية المناطق ذات القيمة التراثية والمناطق الأثرية وحتى حرم الأثر الدائري، وبين انشغالات إعادة التوظيف الأمثل.

رأيي الخاص، والذي يمكن ألاَّ يكون ذا رؤية متكاملة ومتعادلة، ولكنه قد يكون من نوع الممانعة للتنميط وفكر التحجير، والوقوف بالأثر العمراني عند حدود فترة السلطان المولى إسماعيل، فالتراث العمراني الإنساني حتما يقبل التجديد والإضافات الأساسية والتنميقية، ولما حتى التنويع بالذكر والتوثيق (التداخل بين العصور التاريخية). لذا أتساءل عن كم الضرر في تلك الإضافات (الشكلية/ التنويعية) التي همت بعض المناطق الأثرية ( قوس باب البرادعين/ قبة (الجديدة) بباب الخميس/ أقواس هري السواني...). قد لا نختلف بتاتا في عمليات الإحياء والتأهيل، قد لا نختلف حتى في عمليات التصويب والمواد الأولية (الأصيلة والمتغيرة)، لكن قد نختلف كليا في عمليات التجديد والتي لا تحترم البيئة التراثية وحرم الأثر الدائري (قبة السفراء/ معلمة قارة والأسوار المحيطة) نموذجا.

الأهم، والذي يمكن التركيز عليه، أن مكناس منغلقة على ذات المدينة العتيقة منذ زمن (السيبة) القديم. أن المدينة الفاتنة المتبرجة في شق المباني العتيقة التراثية لها سبعة أبواب باتت تضيق للولوج إليها بأريحية، وإعادة التسويق والتوظيف، وإدخال السائح بأمان. نعم، وبحق كانت رؤية المولى إسماعيل ذات توجيه عسكري لحماية المدينة، ومقر عاصمة الدولة من متمردي القبائل المجاورة، كانت رؤيته بحق رؤية سيادية وعسكرية متكاملة، وتواكب زمن تثبيت الحكم العلوي (الثاني). اليوم تغيرت المعايير كليا، وباتت المدينة تبحث عن المكاشفة والانفتاح والتسويق الاقتصادي. باتت المدينة تبحث عن منافذ الولوجيات الجديدة للساكنة والسائح. باتت الأسوار تتحكم في انفتاح المدينة على الزمن الحديث والتأقلم الحضاري الموازي. باتت الأبواب لا تتسع للمعايير الجديد لمرور حافلات النقل السياحي والمركبات (الملتقى الدولي الفلاحي بالمغرب). باتت المدينة القديمة تعادي المدينة الحديثة، وليست هنالك إمكانات الالتقائية والتكاملية البنائية، وحتى التهيئة الحضرية الجديدة كانت مخيبة لكل الآمال في شق محاور الالتقائية الفسيحة (الحضاري/ العتيق/ الحديث).

الأهم، والمدينة في زمن التأهيل والترميم أن تتحرر ولو جزئيا من الاستنساخ (التنميطي). أن تتحرر من فقه المحرمات (الكلية) وتكشف عن رؤى المقاصد الجمالية والبيئية للأثر العمراني للمدينة والحرم الدائري. أن تتحرر المدينة العتيقة من الانغلاق نحو الانفتاحية التامة عبر مجموعة من المنافذ والأبواب (الجديدة/ رؤية الالتقائية)، ولا نقف مكتوفي الأيدي حتى في تصويب (نُقْبَةُ) باب بالقاري لتصبح بابا مكتملا بقوس هندسي يماثل الأثر المجاور، ويصبح منفذا يفك العزلة، ويكون منفذا لمدار سياحي قريب من ( الكولف الملكي/ المشور/ ضريح المولى إسماعيل/ لالة عودة...).

من سياسة مدينة مكناس الصلبة رؤية (البلوكاج) العام. فالمدينة ترفض التجديد والهيكلة المضافة بالتخطيط الرزين، وباتت المدينة تعيش آمنة في التاريخ الماضي (الحُبُسِي)، وكل ما هو مستجد وجديد يُلاقي عبثية التصغير والتشويه بالمفرقعات الهوائية !! من تم، فالدعوة إلى رؤية تناظرية تجيب عن سؤال: أي أثر بالتبعية تريد مكناس من إعادة تأهيل التراث العمراني للمدينة العتيقة؟ تراث جامد محنط !! تراث متحرك ومتجدد !!تراث عمراني تسكنه النمطية و الرطوبة !! تراث بمعايير التأهيل وإعادة التوظيف التنموي !! تراث من جيل أمن وحراس الأسوار !! بحق لازلنا لم نفكر في إجابات سليمة لعدة إشكالات كامنة، مِمَّا يخلق (بوليميك) جدالي عقيم من عمليات الأداء والأثر من التثمين العمراني في صيغته الأولى.

(الصور من الصفحة الخاصة بالأستاذ علي زيان).

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2023-03-18 12:39:30

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك