المدير العام السابق للضرائب: الذكاء الاصطناعي في المراقبة الضريبية لا يزال في "مرحلة جنينية"

وهو مشروع استراتيجي رائد، محور تحليل معمق خلال مناقشة أطروحة دكتوراه تحت إشراف الدكتور العبدلاوي محمد أستاذ التعليم العالي تخصص الإقتصاد في كلية الحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس. ترسم أعمال الطالبة الباحثة ريم الماموني حصيلة للمكاسب الملموسة التي حققتها الرقمنة. غير أن النقاش، الذي أثرته مداخلة المدير العام السابق للمديرية العامة للضرائب، خالد زازو، سمح بتلطيف الحماس، مؤكداً أن توظيف الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلته الجنينية". هذا الحوار بين الباحثين والممارسين يميز بوضوح بين النجاحات المحققة في مجال الرقمنة والتحديات المستقبلية للذكاء الاصطناعي.

مكاسب ملموسة يؤكدها التحليل الميداني

يُثبت البحث الذي أجري ميدانياً مع موظفي الإدارة الضريبية، بشكل تجريبي، التقدم المحرز بفضل الرقمنة. وتُظهر الدراسة تأثيراً إحصائياً إيجابياً ومهماً على جوانب حاسمة للنظام البيئي الاقتصادي، أبرزها تحسين امتثال الملزمين بالضريبة، وتعزيز أمن المعاملات، وتقليص حالات العود الضريبي. تؤكد هذه النتائج أن الاستثمارات في المنصات الإلكترونية، ورقمنة التصاريح، وتأمين البيانات قد أتت أكلها. كما يظهر تصور الموظفين أنفسهم أن الغالبية العظمى ترحب بالأدوات الرقمية الجديدة، مما يعكس استيعاباً ناجحاً وتحولاً عميقاً في أساليب العمل. وبالتالي، تعد الرقمنة، كأتمتة للإجراءات، واقعاً ناجحاً ومندمجاً بشكل جيد.

نظرة الخبير: دعوة إلى الواقعية بشأن الذكاء الاصطناعي

فيما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، قدم خالد زازو رؤية دقيقة وحاسمة. ورغم إشادته بـ"الجرأة الفكرية" للأطروحة، إلا أنه حذر من النظرة المفرطة في التفاؤل بشأن الوضع الحالي للتقنيات. وأوضح قائلاً: "التأكيد على أن اعتماد الذكاء الاصطناعي قد بلغ بعده الكامل هو أمر سابق لأوانه، فنحن لا نزال في مرحلة جنينية". ووفقاً له، من المهم عدم الخلط بين رقمنة الخدمات ونشر أنظمة ذكاء اصطناعي معقدة قادرة على التحليل التنبؤي واتخاذ القرارات المستقلة. كما شدد المدير العام السابق على ضرورة الدقة الواقعية، مذكّراً بأن بعض إجراءات الطعن أو الهياكل التنظيمية المذكورة في البحث تحتاج إلى تحديث لتعكس التشريعات السارية، وهو أمر أساسي للأمن القانوني للشركات.

وبعيداً عن النقاش التقني، قدم زازو منظوراً حول إدارة التغيير، حيث اعترض بشدة على فكرة أن الموظفين قد نظروا إلى الرقمنة على أنها "تهديد لوظائفهم". وبناءً على تجربته، تحدث على العكس عن "التزام جماعي" وشعور بالفخر لدى الفرق للمشاركة في هذا التحول. وتعد هذه الملاحظة جوهرية لأنها تشير إلى أن نجاح المرحلة الأولى من الرقمنة يعتمد على انخراط وتعبئة الرأسمال البشري بقدر ما يعتمد على التكنولوجيا نفسها. هذه الثقافة الإيجابية للتغيير تبدو شرطاً لا غنى عنه للتعامل بثقة مع المرحلة التالية الأكثر تعقيداً، وهي نشر الذكاء الاصطناعي.