Omrane

 آخر الأحداث والمستجدات 

قراءة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد لسنة 2025

قراءة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد لسنة 2025

إعداد: المرصد الوطني للشباب والسياسات العمومية

‎الأستاذ محمد عمراني – رئيس المرصد الوطني للشباب والسياسات العمومية، باحث في سلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس - الرباط، ومحامٍ متمرن بهيئة الرباط.

 

يُعد الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش المملكة، لحظة دستورية ذات دلالات استراتيجية، نظراً لما تضمنه من رسائل قوية تؤطر مسار الفعل العمومي وتعيد ترتيب أولويات الدولة المغربية في سياق دولي ووطني دقيق.

 

ومن موقعنا كمؤسسة مدنية تعنى بتتبع السياسات العمومية وقضايا الشباب، نستحضر أهمية هذا الخطاب باعتباره امتداداً لممارسة جلالة الملك لاختصاصاته الدستورية المنصوص عليها في الفصل 42 من الدستور، حيث يُجسد فيه جلالته دوره كضامن لوحدة الأمة واستمرارية الدولة، ويمارس من خلاله وظيفة التحكيم والتوجيه لضمان السير السليم للمؤسسات.

 

وعليه، فإن الخطاب يتجاوز البُعد الرمزي والتواصلي، ليؤسس لاختيارات كبرى تُلزم الفاعلين العموميين بتفعيلها ضمن منظور استراتيجي واستباقي يعيد ضبط بوصلة العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقد جاء التأكيد الملكي واضحاً على ضرورة ترسيخ مقومات الدولة الاجتماعية، ليس كشعار ظرفي، بل كمشروع مجتمعي متكامل يُوجه السياسات العمومية نحو تقليص الفجوات الاجتماعية والمجالية، وضمان عدالة الولوج إلى الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وحماية اجتماعية.

 

كما أن هذه الرسائل تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لفئة الشباب التي لطالما انتظرت مبادرات فعلية للتمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي، وهو ما يجعل من الخطاب الملكي دعوة صريحة لإعادة تقييم السياسات الشبابية وتوجيهها نحو هذه الفئة بما يضمن العدالة والفعالية.

 

ومن جهة أخرى، توقف الخطاب عند إشكالية العدالة المجالية والتنمية الترابية، من خلال دعوة جلالته إلى القطع مع منطق التمركز الإداري، واعتماد مقاربة مندمجة تنبني على خصوصيات الجهات وتفعيل آليات التنسيق والتكامل في أفق التنزيل الفعلي للجهوية المتقدمة باعتبارها رافعة مركزية للنموذج التنموي الجديد. وفي نفس الإطار، وجه جلالة الملك نصره الله دعوة للإعداد المبكر للانتخابات التشريعية المقبلة، بما يكرس احترام مبدأ الأمن القانوني، ويُعزز الثقة في المؤسسات من خلال إطلاق مشاورات موسعة حول الإطار القانوني والمؤسساتي المؤطر لهذه الاستحقاقات مع جميع الهيئات السياسية، وهو ما يُمثل لحظة سياسية مهمة لتقوية البناء الديمقراطي وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص السياسية.

 

أما على المستوى الخارجي، فقد جدد جلالته التمسك بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية في إطار السيادة الوطنية، مع تأكيد الانفتاح على الجزائر بروح من المسؤولية وحسن الجوار، في موقف يعكس توازن المغرب بين التشبث بثوابته الوطنية والانفتاح على الحوار وفق منطق سلمي.

 

إن ما حمله الخطاب الملكي من توجيهات سياسية ودستورية واجتماعية، يمثل خريطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة، ويضع جميع الفاعلين، ولا سيما الحكومة والمؤسسات المنتخبة، أمام مسؤولية تاريخية لترجمة هذه التوجيهات إلى سياسات عمومية ناجعة، قائمة على مبادئ الاستباقية، والإنصات، والتقويم، والإدماج، بما يضمن تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، ويُعيد للشباب موقعه ضمن المشروع التنموي الوطني. وهو ما نؤكد عليه في المرصد الوطني للشباب والسياسات العمومية، وندعو من خلاله كافة الفاعلين السياسيين والحزبيين والمؤسساتيين إلى التفاعل المسؤول مع هذه التوجيهات الملكية، بما يُجسد الوفاء للتطلعات السامية لصاحب الجلالة، ويعكس في ذات الوقت الانخراط الفعلي في بناء مغرب العدالة والكرامة والتقدم.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محمد عمراني
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-07-31 18:56:48

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك