آخر الأحداث والمستجدات
مؤتمر دولي بفاس يشخص أعطاب العقار الاقتصادي
احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، يومي 19 و20 دجنبر 2025، مؤتمراً دولياً مخصصاً لموضوع العقار التجاري والصناعي والاستثمار. وقد جمع هذا اللقاء، الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية والتحول الرقمي بشراكة مع الكلية وبدعم من جامعة سيدي محمد بن عبد الله، ثلة من الخبراء والباحثين والممارسين حول طموح مشترك: رفع القيود القانونية والاقتصادية التي تعيق تثمين الرصيد العقاري الوطني.
يندرج هذا الحدث العلمي في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لتأسيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله. وتستقبل هذه المؤسسة العريقة، التي تضم 13 مؤسسة جامعية، اليوم أكثر من 100,000 طالب، وتضخ سنوياً في سوق الشغل 14,000 خريج، مدعومين بـ 80 مختبراً للبحث و409 مسلكاً معتمداً.
وخلال الجلسة الافتتاحية، أكد السيد مصطفى إجعلي، رئيس الجامعة، على انفتاح الجامعة على محيطها السوسيواقتصادي، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر يتيح للطلبة الباحثين منصة قيمة للتفاعل مع خبراء رفيعي المستوى.
لم يكن اختيار هذا الموضوع وليد الصدفة. فكما أشار السيد محمد بوزلافة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، يعتبر العقار حجر الزاوية في أي استراتيجية لخلق فرص الشغل وتحقيق الدينامية الاقتصادية. وقد هدفت أشغال المؤتمر إلى تحليل الإطار التنظيمي الحالي لاقتراح حلول ملموسة، تتماشى مع ميثاق الاستثمار الجديد، من أجل تجاوز تعدد المتدخلين وثقل المساطر الإدارية.
في كلمته التأطيرية، قدم الأستاذ سعيد الوردي، مدير المختبر المنظم، تشخيصاً دقيقاً للوضع. وسلط الضوء على اختلال هيكلي في سياسات التعمير التي تعطي الأولوية تاريخياً للسكن على حساب الأنشطة الاقتصادية. وأوضح أن هذا التباين شجع على ظهور القطاع غير المهيكل والتوسع العمراني العشوائي. ودعا الأستاذ الوردي إلى اعتماد "جيل جديد من وثائق التعمير أكثر مرونة"، قادرة على التكيف مع التحولات السريعة في أنماط الاستهلاك ومحاربة المضاربة العقارية. كما شدد على استعجالية هذه الإصلاحات لإعداد الاقتصاد الوطني للاستحقاقات الكبرى المقبلة، ولا سيما تنظيم كأس العالم 2030.
مكنت الجلسات العلمية من تشخيص واقع الحال بدقة. حيث أشار الباحث زكرياء الملياني إلى العجز المزمن في الأراضي المهيأة، خاصة في جهة فاس-مكناس. وتدفع ندرة العقار وتكلفته الباهظة الفاعلين الاقتصاديين نحو المناطق الصناعية العشوائية أو تحويل الأراضي الفلاحية بطرق غير قانونية، مما يخلف عواقب وخيمة على البيئة (تدبير النفايات، التلوث بمرجان الزيتون).
وعلى المستوى القانوني، كان التشخيص الذي قدمه الخبير إدريس الفاخوري مقلقاً بنفس القدر. فمع تحفيظ 15% فقط من التراب الوطني، يظل انعدام الأمن القانوني عائقاً منفراً للمستثمرين ويحد من الولوج إلى التمويل البنكي. كما أن تعايش القانون الحديث والتقليدي، مقروناً بتضخم تشريعي يراكم نصوصاً تعود لقرن مضى (مثل ظهير 1917) مع القوانين الحالية، يخلق تعقيداً شائكاً.
في ختام يومين من النقاشات المستفيضة، صاغ المشاركون عدة توصيات جوهرية. ودعوا إلى إصلاح شامل للمنظومة العقارية يهدف إلى توحيد الأنظمة القانونية، وتسريع تعميم التحفيظ العقاري، وتحديث الحكامة. واعتبروا أن التنسيق الأفضل بين الإدارات الوصية شرط لا غنى عنه لتحويل العقار، الذي يُنظر إليه اليوم كعائق، إلى محرك حقيقي للتنمية الاقتصادية وللجاذبية المجالية للمغرب.
| الكاتب : | بلاغ |
| المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
| التاريخ : | 2025-12-20 11:46:40 |










