آخر الأحداث والمستجدات 

المناضــل القهوجــي

المناضــل القهوجــي

من يتأمل في العنوان  سيفهم للوهلة الأولى من "القهوجي" ذالك المشترك المتداول والمألوف لدى الجميع، أي هو الرجل الذي يُعد القهوة من خلف كنطوارات المقاهي.

إنما المعنى هنا يتجاوز ذلك المعطى الجاهز فالمقصود ب "المناضل القهوجي" هو ذلك الرجل الذي تتوفر فيه كل شروط المثقف، يواظب على شرب قهوة الصباح و الاعتكاف على قراءة الجرائد ليناقش أخبارها مساءا مع الأصدقاء.

و ما نعرفه عن التاريخ النضالي لهذا المناضل القهوجي لا يتعدى ذلك التاريخ الشفوي الذي جاء عن منطوقه في جلسات الحكي و الإستماع المعتادة، عند الإستماع إلى معاركه النضالية تجدها تتقاطع في حبكتها الدرامية  مع الإنتاجات الهوليودية التاريخية فتجعلك تحن إلى حقبة الجمر والرصاص، لأن أسلوب الإثارة في سرد بطولاته يصورها على أنها " زمن جميل " كون البطل المدافع عن القيم الإنسانية ينتصر دائما في النهاية ، وهذا ما يمنحه حياة "السوبر مناضل"، على عكس ما يقوله واقعه المادي و المعنوي.

فقد وعى جيدا أن الصورة هي من أصبحت تؤثث المجال السياسي، لهذا السبب عكف "المناضل القهوجي" على تعليب صورته لتزيينها في عين المتتبعين من خلال رسم تاريخ نضالي افتراضي وفي أفضل الأحوال مبالغ فيه.

فهو يتحدث في عالم و يبحر في عالم اخر.

ويعتبر"المناضل القهوجي"   خبيرا باستراتيجيات العمل النضالي فهو مستعد لانتقاد كل التجارب السابقة والمبادرات الآنية حيث يكشف عن نقائصها وعيوبها.

 كما له باع في خط استراتيجيات العمل النضالي تناسب الظرفية و الواقع، إلا أنها لا تتبلور في الحياة النفعية كونه نسي أن يدونها قبل أن يترك كرسيه في المقهى.

نقول لكل " مناضل قهوجي " إن زمن الملفوظ (الغاية) يخالف زمن الاشتغال (الفعل) فهو يبقى فكرة بلا سند ما لم يعطي صاحبه سياق لتحققه.

و إلى كل من يتبع هذه الطريقة القهوجية في النضال أن يراعي طبيعة الجمهور الذي يوجه إليه خطابه. إن رأي المتلقي يكون عائما، دائم التحول لأن مجال السياسة يختلف عن مجال الدين حيث الخطيب يلقي خطبته و على المتلقي التسليم الكلي بحقائق مطلقة في غياب تام لدقة العلم لأن العلم نسبي يقوم على التجربة و المقارنة والمجال السياسي كذلك يعتمد التجربة و المقارنة .

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : البخاري محمد
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2015-04-19 16:29:14

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إنضم إلينا على الفايسبوك